نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: هل يقرع في القسمة والاستهام فيه

          ░6▒ (بابٌ) بالتنوين (هَلْ يُقْرَع) من القُرعة _بضم القاف_، وهي معروفةٌ (فِي الْقِسْمَةِ وَالاِسْتِهَامِ فِيهِ) أي: أخذ السَّهم، وهو النَّصيب وليس المراد من الاستهام هنا الإقراع، وإن كان معناه في الأصل ذلك، إذ لا معنى أن يُقال: هل يُقرع في الإقراع، والضَّمير في «فيه» عائد إلى القسمِ أو المال الذي يدلُّ عليه القسمة، كذا قاله الكرماني.
          وقال الحافظ العسقلانيُّ: والضَّمير يعودُ إلى القسم بدَلالة القسمة، وفي «المُغرِب»: القسمة: اسم من الاقتسام، وجواب «هل» محذوفٌ تقديره: نعم يقرع.
          قال ابن بطَّال: القرعة سنَّة لكلِّ من أراد العدل في القسمة بين الشُّركاء والفقهاء متَّفقون على القول بها، وخالفهُم بعضُ الكوفيين، وقالوا: إنَّها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها.
          وحكى ابنُ المنذر، عن أبي حنيفة أنَّه جوَّزها وقال: هي في القياس لا يستقيم، ولكنَّا نترك القياس في ذلك للآثار والسنة.
          وفي حديث عائشة ♦ في الإفك: «كان إذا خرج أقرع بين نسائه»، [خ¦2593] وفي حديث أمِّ العلاء أنَّ عثمان بن مظعون طار لهم سهمه في السُّكنى حين أقرعت الأنصار [خ¦7018]. وفي حديث أبي هريرة ☺: «لو يعلم النَّاس ما في النِّداء / والصَّف الأوَّل لاستهموا عليه» [خ¦615]، وقال تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات:141].
          وقال إسماعيل القاضي: ليس في القرعة إبطال شيءٍ من الحقِّ، فإذا وجبت القسمة بين الشُّركاء في أرضٍ أو دارٍ فعليهم أن يعدِّلوا ذلك بالقيمة ويستهموا، ويصير لكلِّ واحدٍ منهم ما وقع له بالقرعة بما كان له في الملك مشاعاً، فيصير في موضعٍ بعينه، ويكون ذلك بالعوض الذي صار لشريكه، وإنَّما منعت القرعة أن يختارَ كلُّ واحد منهم موضعاً بعينه.