نجاح القاري لصحيح البخاري

باب قول النبي: «هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء»

          ░3▒ (باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم : هَلاَكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ) بالتَّثنية (أُغَيْلِمَةٍ) بضمّ الهمزة وفتح الغين المعجمة وسكون التّحتيَّة وكسر اللَّام وفتح الميم بعدها هاء تأنيث، مصغَّر أغلمة، جمع غلام، وواحد الجمع المصغَّر: غليِّم _بالتَّشديد_، يقال للصَّبيّ من حين يولد إلى أن يحتلم: غلامٌ وجمعه غِلْمان وغِلْمة، ولم يقولوا: أغلمة مع كونه القياس، كأنَّهم استغنوا عنه بغلمة.
          وأغرب الدَّاوديّ فيما نقله عنه ابن التِّين فضبط: أَغِيلمة _بفتح الهمزة وكسر الغين المعجمة_ وهو غلطٌ محضٌ، وقد يطلقُ لفظ غلام على الرَّجل المستحكم القوَّة تشبيهاً له بالغلام في قوَّته.
          وقال ابنُ الأثير: المراد بالإغيلمة هنا الصِّبيان ولذلك صغَّرهم، قال الحافظ العسقلانيّ: وقد يطلقُ الصَّبيّ والغليم على ضعيف العقل والتَّدبير والدِّين ولو كان محتلماً، وهو المراد هنا، فإنَّ الخلفاءَ من بني أميَّة لم يكن فيهم من استخلفَ وهو دون البلوغ، وكذلك من أمّروه على الأعمال، إلَّا أن يكون المراد بالأغيلمة أولاد بعضِ من استخلف فوقع الفسادُ بسببهم فنسب إليهم، والأولى الحمل على أعمَّ من ذلك.
          (سُفَهَاءَ) أي: ضعفاء الأحلام، وزاد في بعض النُّسخ في رواية أبي ذرٍّ: <من قريش> ولم يقع لأكثرهم، وروى أحمد والنَّسائيّ من رواية سمَّاك / عن أبي ظالم عن أبي هريرة ☺ بلفظ: ((إنَّ فساد أمَّتي على يدي غلمة سفهاء من قريش)).
          ولم يقف عليه الكرمانيّ فقال: لم يقع في الحديث الَّذي أورده بلفظ: ((سفهاء)) فلعلَّه بوَّب به ليستذكره ولم يتَّفق له، أو إشارة إلى أنَّه ثبت في الجملة لكنَّه ليس على شرطه.
          قال الحافظ العَسقلانيّ: والثَّاني هو المعتمدُ، وقد أكثر البخاريّ من هذا.