غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أحمد بن عيسى التستري

          50 # أحمد بن عيسى بن حسَّان، أبو عبد الله التُّسْتَريُّ المِصْريُّ.
          نُسب إلى تُسْتَر؛ لأنَّه كان يتَّجر إليها، قاله السَّمْعاني، قال: وروى عنه أبو زُرْعة، وأبو حاتِم الرازيَّان، ومُسْلم، وغيرهم، وآخر من حدَّث عنه أبو القاسم البَغَوِيُّ ببغداد، وكان يروي الحديث عن مُفَضَّل بن فَضَالة المِصْريِّ، وضِمَام بن إسماعيل المَعَافِريِّ(1) ورِشْدِيْن / بن سَعْد المَهْرِيِّ، وأَزْهَر بن سَعْد السَّمَّان(2) وعبد الله بن وَهْب، وغيرهم.
          وقد احتجَّ له(3) النَّسائيُّ مع تعنُّته.
          وقال الخطيب: لم أر لمن تكلَّم فيه حجَّةً تُوجب ترك الاحتجاج بحديثه(4)
          قال ابن حجر(5) وقع التَّصريحُ به في البخاريِّ في رواية أبي(6) ذرٍّ الهَرَويِّ، في ثلاثة مواضع، أحدها: حديثه عن(7) (ابن) وَهْب: أوَّل شيء بدأ به النَّبيُّ صلعم الطَّوافَ [خ¦1641] ، وقد تابع عليه عنده أَصْبَغ عن ابن وهب [خ¦1614] . وثانيها: حديثه أيضاً عن ابن وهب، في المواقيت، مقروناً بسفيان بن عُيينة، عن الزُّهْريِّ [خ¦1527] [خ¦1528] . ثالثها: كذلك عنه، في الإهلال من ذي الحُلَيفة [خ¦1514] ، بمتابعة ابن المُبارك، عن يونس [خ¦5915] .
          وقد أخرج مسلم الحديثين الأخيرين عن حَرْمَلَةَ، عن ابن وَهْب، [خ¦1182] [خ¦1184] [خ¦1187] [خ¦1188] فما أخرج له البخاريُّ شيئاً تفرَّد(8) به.
          ووقع في البخاريِّ عدَّة مواضع سوى هذه يقول فيها: حدَّثني أحمد، عن ابن(9) وَهْب. ولا ينسبه(10)
          قال ابن حجر(11) قد عاب أبو زُرْعة على مسلمٍ تخريجَ حديثه(12) ولم يبيِّن سبب ذلك.
          أقول: هذا عَجَب(13) فإنَّا نقلناه عن ابن السَّمْعانيِّ أوَّلاً أنَّ أبا زُرْعة بنفسه نقل عنه، فكيف يَعيب على مسلمٍ؟! فتأمَّل ذل،. كيف، وقد روي عنه أنَّه من الحفَّاظ، كما مرَّ؟!
          توفِّي سنة ثلاث وأربعين ومئتين.
          تتمَّة:
          التُّسْتَرِيُّ: بإسكان المهملة بين المثنَّاتَين الفَوْقانيَّتين، أُولاهما مضمومة، والأخرى مفتوحة، آخرها راء، نسبة إلى تُسْتَر.
          قال في القاموس: كجُنْدَب، بلدة من كُوَر الأَهْواز، من بلاد خُوزستان، يقول لها النَّاس: شُشْتَر(14) بمعجمتين في أوَّلها. قال في القاموس: ذلك لَحْن، وسُورها أوَّل سُور وُضع بعد الطُّوفان(15) انتهى.
          لكن يُفهم من كلام القاموس أنَّه يجوز ضمُّ التَّاء الأخيرة أيضاً؛ لأنَّ الجَوهريَّ صرَّح في صحاحه(16) بجواز فتح دال جُنْدَبُ وضمِّها، فتأمَّل.
          وبها قبرُ البَرَاءِ بن مالك الذي قال في حقِّه رسول الله صلعم: «رُبَّ أشعثَ أغبرَ ذي طِمْرَين لا يُؤبَه _بضمِّ المثنَّاة التحتانيَّة، وفتح الموحَّدة، يعني لا يُعتنَى به_ لو أقسم على الله لأَبَرَّه، منهم البراء بن مالك»(17) وكان ☺ بطلاً شجاعاً مقداماً لا يُصْطَلَى بناره(18) لمَّا انهزم الكفَّار يوم اليَمَامة، وتحصَّنوا بالحائط، / قال للمسلمين: ارفعوني(19) حتَّى أتسوَّر الحائط، وارموني إليهم، حتَّى يشتغلوا بي عن الباب، (فتكسروا الباب،) وتدخلوا. فلم يزل بهم حتَّى فعلوا ذلك، وتجالد الكفَّار عليه بالسُّيوف، فكسر المسلمون الباب، ودخلوا، وقتلوا مُسَيلمة اللَّعين، وقُتل مَن قُتل، وأُسِر مَن أُسر، وإذا بالبراء به بضع وثمانون جُرحاً، فأقام عليه خالد شهراً يداويه حتَّى تعافى، وهو الذي وصَّى عمرُ بن الخطَّاب أُمراءَه أن لا يولُّوا البَرَاءَ على سَريَّة، قال: لأنَّه مهلكة من المهالك. ☺.


[1] في (ن) تصحيفاً: (المغافريِّ).
[2] في (س) (رشيد) (المهدي) و(السمعاني) بدل (رشدين، المهري، السمان)، وكذا في جميع النسخ: (رشيد) والمثبت من مصادر الترجمة، وترجمته في الأنساب للسَّمْعانيِّ:1/465.
[3] هكذا في جميع النسخ والأفصح (به).
[4] سقطت (بحديثه) من (س).
[5] مقدمة الفتح: ص387.
[6] سقطت (أبي) من (س).
[7] تصحَّفت في (ه) إلى: (أن).
[8] في غير (ن): (انفرد).
[9] تصحفت في (ن) إلى: (أبي).
[10] مثل الحديث الذي برقم (1579) باب أين يخرج من مكة وبرقم (1528).
[11] مقدمة الفتح: ص387.
[12] في غير (ن): (تخريج هذه).
[13] في غير (ن): (عجيب). و(نقلنا) بدل (نقلناه) وتكرر (أولاً) في غيرها أيضاً، وتصحفت (أنَّه) في غيرها إلى (أمَّة)
[14] في (ن) تصحيفاً: (تستر) وكذلك تصحفت (خوزستان) إلى (خورستان).
[15] القاموس (تستر).
[16] 1/97.
[17] الترمذي برقم (3789) وقال: حسن غريب. وانظر تخريج أحاديث الإحياء برقم (3345).
[18] في (ن) تصحيفاً: (بنار).
[19] في غير (ن): (ارفعوا بي) و(إليه) بدل (إليهم).