غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

إبراهيم بن يزيد التيمي

          23 # إبراهيم بن يزيد بن شَرْيك بن طارق (أبو أسماء) التَّيْمِيُّ _تَيْم(1) الرَّبَاب_ الكُوفيُّ.
          قال يحيى: وهو ثقة، تابعيٌّ(2) عابد.
          قال الأعمش: قال (لي) إبراهيم التَّيْمِيُّ: ما أكلتُ منذ أربعين ليلة إلَّا حبَّةَ عنب.
          قال السَّمْعانيُّ(3) كان عابداً صابراً على الجوع الدَّائم، معدوداً فيمن قتله الحجاج؛ لأنَّه مات بحبسه.
          قال الطَّبَريُّ: وكان سببه أنَّ الحَجَّاج طلب إبراهيم النَّخَعيَّ، فجاء(4) القاصد، فوجد إبراهيم التَّيْمِيَّ، فقال: أريد إبراهيم. فقال: أنا اسمي إبراهيم. فأخذه، وهو يعلم أنَّ طلبه للنَّخَعِيِّ، ولم يَسْتحلَّ أنْ يدلَّه(5) عليه، فجاء به إلى الحَجَّاج، فحبسه، ولم يكن لهم(6) في الحبس ظِلٌّ من الشَّمس، ولا كِنٌّ من البرد، فتُرك مع غيره في سلسلة، فتغيرَّ إبراهيم، ومات في السجن، فرأى الحَجَّاجُ تلك اللَّيلة في منامه قائلاً يقول له: مات [هذه] اللَّيلة رجل من أهل الجنَّة. فلمَّا أصبح قال: هل مات البارحة أحد؟ قالوا: إبراهيم التَّيْمِيُّ. فقال: حُلم ونَزْغةٌ من نَزَغات الشَّيطان. وأَمر به فأُلقي في الكُنَاسة، ثم أَغْرى عليه الكلاب تنهَشُه(7)
          وكان يقول مع كثرة عبادته: ما عرضت قولي على عملي إلَّا خشيت أن أكون مكذِّباً. رواه البخاريُّ تعليقاً [خ¦قبل 48] .
          قوله: (مكذِّباً) بكسر المعجمة، أي مكذِّباً للدِّين؛ حيث لا أكون ممَّن عمل بمقتضاه، أو المعنى: أكون مكذِّباً لنفسي بنفسي؛ لأنَّي أقول: إنِّي من المسلمين، وليس عملي عملهم، فلو كنتُ صادقاً لعملتُ بعملهم.
          قال النَّوويُّ: معناه أنَّ الله تعالى ذمَّ من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وقصَّر في العمل، فقال: { كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ } [الصف:3] { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } [البقرة:44] فخشي إبراهيم ☼ أن يكون مكذِّباً إذا لم يبلغ غاية العمل.
          وقد ضبط بعضهم: (مكذَّباً)، بفتح المعجمة، ومعناه: خشيت أن يكذِّبني (مَن رأى عملي مخالفاً لقولي، ويقول: لو كنتَ أنت صادقاً ما فعلتَ هذا) الفعل.
          سمع: أباه، والحارث بن سُوَيد، وروى عن أنس بن مالك، لكنْ في غير البخاريِّ.
          وروى عنه: الأعمشُ في البخاريِّ، وروى عنه الحَكَم، وسَلَمة بن كُهَيل خارج الصَّحيح.
          وروى(8) عنه البخاريُّ تعليقاً، في باب خوف المؤمن من أن يَحْبَط عملُه / وهو لا يشعر، من كتاب الإيمان [خ¦قبل 48] ، وموصولاً في كتاب الأشربة [خ¦5594] ، والتَّوحيد [خ¦7433] آخر الصَّحيح، وفي تفسير سورة يس [خ¦4802] .
          توفِّي سنة ثنتين وتسعين.


[1] في (ن) تصحيفاً: (ثم).
[2] في غير (ن): (ثقة وهو تابعيٌّ).
[3] الأنساب:1/ 499.
[4] في (ه): (في).
[5] في غير (ن): (يدلّ).
[6] في غير (ن): (له).
[7] انظر الطبقات الكبير لابن سعد:6/ 285.
[8] في غير (ن): (روى).