غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أهبان بن أوس

          122 # أُهْبَانُ(1) بن أَوْس _وقال الواقديُّ في الطَّبقات: وُهْبان بن أوس. بالواو. قاله الكَلَاباذيُّ(2)_ أبو عُقْبَة الأَسْلَميُّ.
          يُعرَف بمكلِّم الذِّئب، وقيل: مكلِّمُ الذِّئب أُهْبَانُ بن عِيَاذ(3) الخُزَاعيُّ. قاله ابن الأثير(4)
          قلت: يُمكن أنَّه تكلَّم معهما؛ فإنَّ الذِّئب تكلَّم مع جماعة من الصَّحابة، منهم: أبو سفيان قبل الإسلام، وكَتَم ذلك إلى أن أَسلَم، فأَظهر، فتأمَّل.
          سكن أبو عقبة الكوفة، وهو عَمُّ سَلَمة بن الأَكوع، الآتي ذِكرُه إن شاء الله تعالى.
          وهو من أصحاب الشَّجرة الذين بايعوا رسول الله صلعم فرَضِي عنهم ربُّهم؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ صلعم عام الحُدَيبية دعا عُمَرَ ليبعثَه(5) إلى مكَّة، فقال: يا رسول الله! قد عَلِم القوم شِدَّتي وعداوتي لهم، ولم آمَن على نفسي، ولكنِّي أدلُّك على مَن هو أعزُّ عليهم مِنِّي: عثمان بن عفَّان. فبعث رسول الله صلعم عثمان، فلَقِيه أَبَانُ بن سعيد خارج مكَّة، فأجاره(6) ودخل به مكَّة، فقال لهم(7) إنَّ رسول الله صلعم لم يأتِ لحربٍ، إنَّما جاء زائراً لهذا البيت معظِّماً له. فقال القوم(8) إن شئتَ طُفْ بالبيت، وإن شئتَ ادخُلْ(9) البيتَ. قال: كلَّا واللهِ، حتَّى يطوف النَّبيُّ صلعم بالبيت [ويدخله] . فتأخَّر، ومكث عندهم، وبلغ الخبرُ النَّبيَّ صلعم أنَّ عثمان قد قُتل، فقال (النَّبيُّ) صلعم: «لا نَبرَح حتَّى نُناجِزَ القوم». فدعا بالمسلمين(10) للمبايعة، فبايعوا كلُّهم عن آخرهم على أن لا يَفِرُّوا، وقيل: على الموت. إلَّا الجَدَّ بن قيس، فإنَّه اختبأ(11) تحت إبط ناقته، وكانوا من ألف وثلاث مئة إلى ألف وخمس مئة، وأوَّل مَن بايع رجل من بني أسد يقال له: أبو سِنَان بن وَهْب، فقال رسول الله صلعم: «لا يدخل النَّارَ أحدٌ ممَّن بايع تحت الشَّجرة»(12) وقال: «أنتم خير هل الأرض»(13) وأنزل الله تعالى فيهم: { لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } الآية [الفتح:18] ، وكانت شجرة سَمُرة، ثمَّ عُمِّيت عليهم بعدُ، ثمَّ أتى(14) النَّبيَّ صلعم / إنَّ الذي ذُكِر من أمر عثمان باطل.
          قال أُهْبَان: كنت في غنم، فشدَّ الذِّئب على شاة منها، فصِحتُ عليه، فألقى الشَّاة(15) ثمَّ أَقْعَى(16) على ذنبه، فخاطبني، وقال: مَن لها يومَ تَشتغل عنها؟! أتنتزِع(17) رزقاً مِنِّي رزقني الله إيَّاه؟! قال: فصفقت بيدي، وقلت: ما رأيتُ أعجبَ من هذا؛ ذئبٌ يتكَّلم؟! قال: أوَتَعجبُ ورسول الله صلعم بين هذه النَّخلات _والذِّئب يومىء بيده إلى المدينة_ ويحدِّث النَّاس بأنباء ما سَبَق وأنباء ما يكون، وهو يدعو إلى الله وإلى عبادته؟! فأتى أُهْبَانُ إلى رسول الله صلعم فأخبره بأمره، وأسلم(18) وذلك في سنة ستٍّ من الهجرة.
          قال الحاكم: تفرَّد البخاريُّ بالرِّواية عن أُهْبَانَ، ولم يروِ عنه مسلم في صحيحه.
          قال ابن الأثير(19) وكان أُهْبان اشتكى من رُكبَتيه(20) فكان إذا سجد جعل تحتَ ركبتيه وسادةً.
          روى عنه مَجْزَأة _(بفتح الميم، وسكون الجيم)، ثمَّ الزَّاي_ بن زاهر حديثاً موقوفاً، في عمرة الحُديبية [خ¦4174] ، قاله الكَلَاباذيُّ(21)
          وقال ابن حجر(22) روى عنه البخاريُّ حديثاً واحداً.
          قال ابن سعد: توفِّي بالكوفة، زمنَ ولاية المغيرة بن شُعبة، في خلافة معاوية.


[1] في (ن) تصحيفاً: (وهبان).
[2] الهداية والإرشاد:1/ 100.
[3] في (ن) تصحيفاً: (عباد).
[4] أسد الغابة:1/ 206.
[5] في (ن) تصحيفاً: (ليبعث).
[6] في (ن) تصحيفاً: (فأجازه).
[7] في (ن): (فقال لهم القوم).
[8] في (ن): (فقالوا).
[9] في (ن) تصحيفاً: (أخل).
[10] في (ن) تصحيفاً: (للمسلمين).
[11] في (ن): (اختفى).
[12] المسند برقم (14778)، وأبو داود (4653)، والترمذي (3860) وقال: حسن صحيح.
[13] البخاري برقم (4154)، ومسلم (1856).
[14] في (ن) تصحيفاً: (أت).
[15] في (ن) تصحيفاً: (شاة).
[16] في (ن) تصحيفاً: (أفقى).
[17] في (ن): (أتنتزعوا).
[18] ذكر الخبر أبو نعيم في معرفة الصحابة:3/109 (885).
[19] في (ن) تصحيفاً: (الأسير) وانظر أسد الغابة:1/ 206، وهو الحديث الذي أخرجه له الإمام البخاريُّ في الصَّحيح، فتأمَّل.
[20] في غير (ن): (ركبته) وفي غيرها أيضاً (وكان) بدل (فكان).
[21] الهداية والإرشاد:1/ 100.
[22] مقدمة الفتح: ص474.