غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أيمن الحبشي

          126 # أيمن الحَبَشيُّ.
          اعلم أوَّلاً أنَّهم اختلفوا في أيمن هذا، فمنهم من جعله من الصَّحابة كابن عبد البرِّ، وقال(1) هو أيمن ابن أمِّ أيمن حاضنةِ النَّبيِّ صلعم، وهو أيمن بن عُبَيْد الحبشيُّ، وهو أخو أسامة بن زيد لأمِّه، وكان ممَّن بقي مع رسول الله صلعم يوم حُنين، ولم ينهزم، واستشهد يومئذ.
          وهو الذي يعني العبَّاسُ بنُ عبد المطَّلب بقوله(2) _من البحر الطَّويل_:
نصرْنا رسولَ الله في الدِّين سبعةٌ                      وقد فَرَّ مَنْ قد فَرَّ عنه فَأَقْشَعُوا(3)
وثامنُنا لاقَى الحِمَامَ بنفسِه                      بما مسَّه في الله لا يَتَوَجَّعُ /
          والسَّبعة الذين لم يفرُّوا: العبَّاس، وعليٌّ، والفضل بن العبَّاس، وأبو سفيان بن الحارث، وأسامة بن زيد _هؤلاء من أهل بيته_ وأبو بكر، وعمر.
          وهو الذي روى أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يَقْطع إلَّا في ثَمَن المِجَن(4) وكان ثمنه يومئذ دينار(5)
          روى عنه مجاهد وعطاء، قاله ابن الأثير(6) ثمَّ قال: وهذا مرسل؛ فإنَّ مجاهداً وعطاءً لم يدركا أيمنَ.
          قال ابن إسحاق: كان أيمن على مِطْهَرَةِ رسول الله صلعم، وبصَدَد تعاطي حاجته.
          وله ابن يقال له: الحَجَّاج بن أيمن، له خبر مع عبد الله بن عمر(7)
          وقال بعضهم: أيمن(8) الحبشيُّ من ثقات التَّابعين، وإليه(9) مضى ابنُ حِبَّان، وابن أبي حاتِم(10) وقالا: أيمن بن عُبيدٍ الحبشيُّ، مولى لابن أبي عمرو المخزوميِّ، من أهل مكَّة.
          وقال الكَلَاباذيُّ(11) أيمن الحبشيُّ القرشيُّ المكيُّ، مولى لابن أبي عَمْرو _وفي نسخة: لابن عَمْرو_ المَخْزوميُّ. سمع(12) جابر بن عبد الله، وعائشة. روى عنه ابنه عبد الواحد في الصَّلاة [خ¦449] [خ¦590] ، وفي صِفة النَّبيِّ صلعم [خ¦3584] .
          قال(13) بعضهم: إن ابن أبي عَمْرو المَخْزوميَّ أعتَقَ أيمنَ هذا.
          وقال ابنُ حِبَّان: روى عنه مجاهد، وعطاء، وابنه عبد الواحد.
          وقال ابن حجر(14) أيمن الحبشيُّ، ثقة مكِّيٌّ، وأيمن الرَّاوي للسَّرقة هو الحبشيُّ على الأَشبه. وقيل: مولى الزُّبير، وقيل: هو أيمن بن أمِّ أيمن، والأخير خطأ. وقد فرَّق ابن أبي خيثمة بين أيمن الحبشيِّ، وأيمن ابن أمِّ أيمن. ونَقَل عن ابن أبي حاتِم والبخاريِّ أنَّ راوي حديث السَّرقة هو الحبشيُّ، وكذا عن الدَّارقطنيِّ. انتهى.
          قلت: وأنت قد سمعت كلام ابن الأثير، ولا يخفى عليك أنَّ ابن حجر مخالفٌ لابن عبد البرِّ، ومائل إلى قول الآخَرِين: إنَّه غير أيمن ابن (أم) أيمن، فتأمَّل.


[1] الاستيعاب:1/ 128، وأبيات العبَّاس ☺ في أسد الغابة:1/ 242.
[2] في (ن) تصحيفاً: (يقول).
[3] في (ن) تصحيفاً: (فأقثعوا).
[4] في غير (ن): (المحجن) وكانت كذلك في (ن) ولكنها أصلحت إلى (المجن).
[5] النَّسائي في المجتبى:8/ 82-83 برقم (4943-4949).
[6] أسد الغابة:1/ 242.
[7] رواه البخاري برقم (3735-3737).
[8] تكرر (أيمن) في (ن).
[9] في (ن): (وقد) والمثبت مناسب للسياق.
[10] بل هو مذهب الإمام البخاريِّ، كما في التاريخ الكبير:2/ 25، وانظر الثَّقات:4/ 47، والجرح والتعديل:2/ 318.
[11] الهداية والإرشاد:1/ 93-94.
[12] في (ن): (ومن سمع).
[13] في غير (ن): (وقال).
[14] تقريب التهذيب: ص117، وتهذيب التهذيب:1/ 345.