غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أسلم أبو رافع القبطي

          92 # أَسْلَمُ، أبو رافع القِبْطيُّ المدنيُّ الصَّحابيُّ، مولى رسول الله صلعم.
          وقيل:(1) اسمه إبراهيم، وقيل: صالح، وقيل: هُرْمُز، [وقيل: ثابت] .
          قيل: كان مولًى لسعيد بن العاص، فورثه بنوه الثَّمانية، فأعتقوه كلُّهم إلَّا خالد، فإنَّه تمسَّك بنصيبه منه، فكلَّمه رسول الله صلعم ليعتق نصيبه(2) أو يبيعه أو يهبه منه، فلم يفعل، ثمَّ وهبه لرسول الله صلعم فأعتقه.
          وقيل: أعتق منهم ثلاثةٌ، فأتى أبو رافع النَّبيَّ صلعم، فوهبوه له، فأعتقه.
          قال ابن الأثير(3) الصَّحيح أنَّه كان للعبَّاس بن عبد المطَّلب، فوهبه لرسول الله صلعم، فأعتقه لمَّا بُشِّر بإسلام العبَّاس / قبل(4) الفتح، فكان أبو رافع يقول: أنا مولى رسول الله صلعم. يفتخر بذلك.
          قال أبو رافع: كنت مولى للعبَّاس، وكان الإسلام قد دخل فينا أهل البيت، فأسلم العبَّاس، وأسلمت أمُّ الفضل، وأسلمت أنا، وكان العبَّاس يهاب قومه، ويكره خلافهم، فيكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرِّق في قومه، وخرج إلى بدر كارهاً، ولم يتخلَّف أحد من قريش سوى أبي لهب، وبعث مكانه رجلاً آخر، قال: وكنَّا ننتظر(5) الأخبار، وكنت في فِناء البيت أَنْحَت النِّبَال، وأمُّ الفضل عندي، وأبو لهب متَّكىء، وإذا بأبي سفيان بن الحارث قد وصل من بدر، فقال أبو لهب: إليَّ ابنَ أخي، ما الخبر؟ فقال: ما الخبر؟! أعطيناهم أكتافنا، ففعلوا ما شاؤوا. فقال: ماذا تقول؟! قال: ورأينا رجالاً بِيضاً على خيل بُلْق. قال أبو رافع: فقلت: ذاك واللهِ الملائكةُ. فغضب أبو لهب، وضربني، وكان قويًّا، وكنت ضعيفاً، فأرماني على الأرض، وجعل يضربني، فأخذت أمُّ الفضل عمودَ الخيمة، وضربت على رأسه، وقالت: تستضعفه أنْ غاب عنه سيِّدُه؟! فشجَّته، فما مضى إلَّا أيَّام(6) قلائل، وأهلكه الله تعالى.
          وزوَّج رسول الله صلعم أبا رافع(7) مولاته سَلْمَى، وهي قابلة إبراهيم ابن رسول الله صلعم، وحضرت معه خيبر، فولدت عُبيد الله بن أبي رافع، وكان عبيد الله خازناً لعليٍّ، وكاتباً له أيَّام خلافته.
          وبقي عقبُ أبي رافع أشرافَ المدينة.
          ولم يشهد أبو رافع بدراً؛ لأنَّه كان بمكَّة، وشهد أُحداً، وما بعده من المشاهد، وكان على ثَقَل(8) النَّبيِّ صلعم، وشهد فتح مصر.
          روى عن رسول الله صلعم ثمانية وستِّين حديثاً. قال ابن حجر(9) للبخاريِّ منها حديث واحد.
          روى عنه: عمرو بن الشَّرِيد.
          روى عنه البخاريُّ بالواسطة، في باب ترك الحِيَل [خ¦6977](10) وفي الشُّفعة [خ¦2258] .
          مات بعد عثمان، وقيل: عَلِيٍّ، عَلَى الصَّحيح، فقيل: مات سنةَ مات عَلِيٌّ، سنةَ أربعين، وقيل غير ذلك.


[1] في غير (ن): (قيل).
[2] سقط من (س): (منه فكلَّمه رسول الله صلعم ليعتق نصيبه).
[3] أسد الغابة:1/ 120.
[4] في غير (ن): (قبيل) و(وكان) بدل (فكان).
[5] في (ن): (ننظر).
[6] في (س): (أياماً).
[7] سقطت (أبا رافع) من (س).
[8] الثَّقَل: محركة مَتَاع المسافر وحَشَمُه. (اللسان).
[9] مقدمة الفتح: ص476.
[10] هو في كتاب الحيل، باب في الهبة والشفعة.