غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

أسعد بن سهل بن حنيف

          91 # أسعد بن سَهْل بن حُنَيف، أبو أُمامة(1) الأَوسيُّ، الأنصاريُّ المدنيُّ، الصَّحابيُّ ابن الصَّحابيِّ.
          ولد في حياة النَّبيَّ صلعم، قبل وفاته بعامين، وأَتى به أبوه النَّبيَّ صلعم فحنَّكه، وبارك عليه، وسمَّاه باسم جدِّه لأمِّه أسعد(2) بن زُرَارة الصَّحابيِّ، وكنَّاه كنيته أبا أُمامة.
          وهو أحد الأئمَّة العلماء، ولم يروِ عن النَّبيِّ صلعم حديثاً.
          حكى أسعد قال: رأى عامرُ بن ربيعة أَبي: سَهْلَ بنَ حُنَيف وهو يغتسل، فقال: لم أر كاليوم أحسنَ جِلْداً! قال: فَلُبِط أبي، وصُرِع من ساعته، فأتوا النَّبيَّ صلعم فقالوا: أدركْ سَهْلاً. فحُمل إلى النَّبيِّ صلعم محموماً، فسأله، فأخبره، فقال رسول الله صلعم: «ما يمنع أحدُكم إذا رأى من أخيه ما يعجبه في نفسه أو ماله أن يبرِّك عليه؛ فإنَّ العين حقٌّ»(3)
          روى عن: أبيه، وعن أبي سعيد الخُدْريِّ، ومعاوية، وابن عبَّاس، وأنس بن مالك.
          روى عنه: الزُّهريُّ، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن، وابنُ عمِّه أبو بكر بن عثمان بن سهل، وخارج الصَّحيح: يحيى بن سعيد الأنصاريُّ، وابناه محمَّد وسهل ابنا أسعد(4)
          روى عنه البخاريُّ في مواضع، أوَّلها: باب تفاضل(5) أهل الإيمان في الأعمال، من كتاب الإيمان [خ¦23] ، وفي الأدب [خ¦6180] .
          مات سنة مئة.
          فائدة عزيزة:
          الحديث صريح في أنَّ العين تؤثِّر، وهو كذلك، وفيه نزل قوله تعالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } [القلم:51] الآية. وكانت العَيْنُ في بني أَسَد، حتَّى إذا أراد أحدهم أن يَعِيْنَ شيئاً كان يجوِّع نفسه، فإذا مرَّ عليه(6) شيء قال: ما أحسَنه! هلك بساعته، حتَّى كان يمرُّ على(7) الجمل فيقول: ما أحسَنه! ثمَّ يقول لجاريته: خُذي المِكْتل وائتينا بلحمه. فما يمشي قريباً إلَّا خرَّ ميتاً فيُنْحَر، فأراد بنو أسد أن يُصيبوا النَّبيَّ صلعم، فأنزل الله تعالى الآية تحصيناً له(8) وليس في الباب أنفعُ من هذه الآية لدفع العين.
          ويستحبُّ للعائن أن يدعو له بالبركة، فيقول: اللَّهمَّ بارك فيه. فلا يضرَّه، وأن يقول: ما شاء الله ولا(9) قوَّة إلَّا بالله. /
          وحكى القاضي حُسينٌ أنَّ نبيًّا من الأنبياء استكثر قومَه ذات يوم، فأمات الله منهم مئة ألف في ليلة واحدة، فلمَّا أصبح شكى ذلك إلى الله تعالى، فأوحى الله تعالى إليه: لمَّا استكثرتَهم عِنْتَهم، فلمَ لا حصَّنتهم؟! قال: يا ربُّ! كيف أحصِّنهم؟ قال: قل: حصَّنتكم بالحيِّ [القيُّوم] الذي لا يموت أبداً، ودفعتُ عنكم السُّوء بلا حول ولا قوَّة إلَّا بالله.
          قال القاضي: وهكذا يستحبُّ للرَّجل إذا رأى نفسَه سليماً وأحواله معتدلة أن يقول في نفسه ذلك.
          وكان القاضي يحصِّن تلامذته بذلك إذا استكثَرَهم.
          وهذا يردُّ على الإمام فخر الدِّين الرَّازيِّ؛ حيث ذَكر في بعض كتبه أنَّ العين لا تؤثِّر ممَّن له نفس شريفة؛ لأنَّها استعظام الشيء؛ إذ لا نفس أشرف من أنفس الأنبياء، وهذا النَّبيُّ عان(10) قومَه.
          وأمَر النَّبيُّ صلعم العائنَ أن يتوضَّأ، ويصبَّ الماء على الذي عِيْنَ، وفسَّر مالكٌ الوضوء بأن يَغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، (وأطراف) ركبتيه، وأطراف رجليه، وداخل إزاره ممَّا(11) يلي جسده من الإزار، وقيل: وَركه، وقيل: مَذَاكيره، ويصبَّ على رأس الذي أُصيب بالعين.
          والمرجَّح عند الماوَرْديِّ إيجابُ ذلك.
          تنبيه:
          الفاعل لذلك التَّأثير هو الله، ثمَّ قيل: يتبعه جواهر لطيفة غير مرئيَّة، فيخلق الله الهلاك عندها.
          وينبغي للسُّلطان مَنعُ مَن عُرِف بذلك من مخالطة النَّاس، ويأمره بلزوم بيته، ويرزقه من بيت المال ما يكفيه إن كان فقيراً، فإنَّ ضرره أشدُّ من ضرر المجذوم الذي منعه عمر بن الخطَّاب من مخالطة النَّاس.
          مسألة:
          إذا أصاب غيرَه بالعين فمات، واعترَف أنَّه قتله بالعين، فلا قصاص، وإن كان العين حقًّا؛ لأنَّه لا يُفضي إلى القتل غالباً، ولا يُعَدُّ مهلكاً، ولا دية ولا كفَّارة أيضاً، كما أنَّ من دعا على شخص فمات، لا قصاص ولا دية ولا كفارة.


[1] تأخرت في غير في (ن) إلى ما بعد الأوسي.
[2] في (ن) تصحيفاً: (سعد).
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (5447).
[4] في (ن) تصحيفاً: (سعد).
[5] في (ن) تصحيفاً: (تفاصيل).
[6] في غير (ن): (على).
[7] في غير (ن): (عليه).
[8] في غير (ن): (تحصيناً له الآية).
[9] في غير (ن): (لا).
[10] في (س): (الذي).
[11] في (ن) تصحيفاً: (ابن ما).