غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

إبراهيم بن طهمان

          11 # إبراهيم بن طَهْمَانَ _بفتح المهملة، وسكون الهاء_ بن شُعْبَةَ الخُراسانيُّ الهَرَوِيُّ.
          أحدُ الأئمَّة، وثَّقه ابن سعيد، لم تزل الأئمَّة يَشتهون حديثه، ويرغبون فيه، ويَثِقون(1) به.
          وكان من أهل سَرْخَس، فخرج يريد الحجَّ، فقَدم نَيْسابُور، فوجدهم على قول جَهْمٍ، فقال: الإقامةُ في(2) هؤلاء أفضل من الحجِّ. فنقلهم من قول جَهْمٍ.
          وذُكر عندَ أحمد بن حَنبل، وكان متَّكِئاً من عِلَّةٍ، فاستوى جالساً، وقال: لا ينبغي أن يُذكر(3) الصَّالحون فَنَتَّكِىء. ثمَّ قال أحمد ☼: رأيتُ رجلاً من أصحاب ابن المبارك في المنام معه شيخ مَهِيْبٌ، فقلت: من هذا معك؟ قال: أمَا تعرفه؟ هذا سفيان الثَّوْرِيُّ. قلتُ: من أين أقبلتم؟ قال: نحن نزور كلَّ يومٍ إبراهيمَ بن طَهْمَان. قلتُ: وأين تَرَونه؟ قال: في دار الصِّدِّيقين، في دار يحيى بن زكريا.
          قال سُفْيان بن عُيينة: ما قدم علينا خُراسان أفضل من أبي رَجَاء عبد الله بن واقد. فقيل: إبراهيم(4) بن طَهْمَان؟ قال: ذاك كان مُرْجِئاً.
          قال أبو الصَّلْت: لم يكن إرجاؤهم هذا المذهبَ الخبيثَ: أنَّ الإيمان قولٌ بلا عملٍ، وأنَّ ترك العمل لا يضرُّ بالإيمان، بل كان إرجاؤهم أنَّهم يَرْجُون لأهل الكبائر الغُفْرانَ؛ ردًّا على الخوارج وغيرهم الذين يكفِّرون النَّاس بالذُّنوب، ونحن كذلك. قال الثَّوريُّ في آخر أمره: نحن نرجو(5) لجميع أهل الكبائر، الذين يَدينون دِيننا، ويصلُّون صلاتنا، وإن عملوا أيَّ عمل.
          وكان شديداً على الجَهْمِيَّةِ، ووثقَّه ابن المُبَارك، وابن مَعِين، والعِجْلِيُّ، وابن راهَوَيه، والجمهور.
          سَكن نَيْسَابور، ثمَّ انتقل إلى مكَّة.
          ثقةٌ، صحيحُ الحديث، كثير السَّمَاع، حَسَن الرِّواية، واسع القَلْب، كنيته أبو سَعِيد.
          لكنْ قال ابن عَمَّار: إنَّه ضعيف. وقال صالح جَزَرة لمَّا ذُكر له قولُ ابن عَمَّار فيه: إنَّما وَقع لابن عَمَّار حديثٌ مِن رواية ابن عِمْران، عن إبراهيم بن طَهْمَان، عن محمَّد بن زياد، عن أبي هريرة، في أوَّل جمعة جُمِّعَتْ، قال صالح: وهذا غَلِطَ / فيه مَنْ دون إبراهيم؛ لأنَّ جماعةً رَوَوْهُ عنه عن أبي جَمْرَةَ، عن ابن عبَّاس، وهو الصَّواب.
          وهكذا روى البخاريُّ عنه في صحيحه، في كتاب الجمعة [خ¦892] ، فراجعه، وكذلك هو في تصنيف إبراهيم، وابنُ عَمَّار لا يعرف إبراهيم. قاله ابن حجر(6)
          وقال صالح جَزَرَة: وكان إبراهيم يميل إلى الإرجاء.
          وذكر الحاكم أنَّه رجع عن الإرجاء.
          وأطلق ابن حَزْمٍ أنَّه ضعيف، قال ابن حجر(7) هو مردود عليه.
          وأكثر ما خرَّج له البخاريُّ في الشَّواهد، نعم أخرج له الباقون.
          قلتُ: وأوَّل ما ذَكَرَ عنه البخاريُّ تعليقاً، في باب من اغتسل عُرْياناً، من كتاب الغُسْل [خ¦279] ، وأوَّل ما ذَكَر عنه تأصيلاً، في الجمعة، في باب الجمعة في القرى، والمدن [خ¦892] .
          سمع: محمَّدَ بنَ زياد القُرَشِيَّ، ويونسَ بن عُبيد، وأبا جَمْرَةَ _بالجيم والرَّاء_ نَصْرَ بنَ عِمْرانَ، وموسى بن عُقْبة، [وحجَّاج بن الحجَّاج،] وحُسيناً المُعَلِّم، بكسر اللَّام المشدَّدة.
          وسمع منه: عبدُ الله بن المُبَارك، وأبو عامر العَقَدِيُّ _بفتح العين والقاف_ ومَعْنُ بن عيسى، وحفصُ بن عبد الله.
          مات سنة ثلاث، وقيل: ثمانٍ وستِّين ومئة، بمكَّة المشرَّفة.


[1] في (ن) تصحيفاً: (ويقولون).
[2] في (ن): (على) والمثبت أولى.
[3] في (ن): (أذكر) والمثبت أليق بالسياق.
[4] في غير (ن): (فإبراهيم).
[5] في (ن) تصحيفاً: (نرجوا).
[6] مقدمة الفتح: ص388.
[7] المصدر السابق نفسه.