غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام

إسحاق بن عبد الله

          83 # إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل، أبو(1) يحيى الأنصاريُّ التابعيُّ النَّجَّاريُّ، بالنُّون والجيم.
          أخو عبد الله بن عبد الله، وإسماعيل، ويعقوب.
          ثقة حجَّة، كان مالك لا يُقدِّم عليه أحداً في الحديث.
          حُكِي أنَّ جدَّ إسحاق أبا طَلْحة الصَّحابيَّ لمَّا تزوَّج بأمِّ سُلَيم رُزق منها ولداً سُمِّي أبا عُمَير، فأحبَّه حبًّا شديداً، وهو الذي كان صلعم يقول له: «أبا عُمَير، ما فعل النُّغَير؟»(2) فمرض الولد، وطال مرضه، وكان أبو طلحة صائماً، فغاب ذات يوم في نَخْلهِ، وقُبض الصَّبيُّ في غَيبته، فقامت أمُّ سُليم فنحَّتْه(3) وكَنَست البيت، وتطيَّبتْ، وهيَّأت الطَّعام، ولم تُظهر الحزن، ولم تُعلم أحداً من الجيران بموته؛ مخافة أن يَرِد أبو طلحة صائماً فلم(4) يفطر، فلمَّا رجع قال: كيف حال الصَّبيِّ؟ ورآه مسجًّى، قالت: هَدَأتْ نفسُه. فقدَّمت الفطور، ثمَّ لم تزل به(5) حتَّى واقعها، قالت: أتدري؟ قال: ما لَكِ؟ قالت: إنَّ جيراننا استعاروا منَّا حاجةً فطلبناها منهم اليومَ(6) فصاحوا علينا، وأظهروا الكراهية. فقال: بئسما فعلوا! أكنَّا ملَّكْناهم؟ قالت: لا. قال: أفلا يَعلَمون أنَّ العَوَاري مردودة؟! وهل عليهم إلَّا الشُّكر؟! قالت: فإنَّ ابنك كان عارية من الله، وإنَّه قَبَض عاريته. فَصَبر كما صَبَرتْ، وما جَزِع، وأخبر بذلك النَّبيَّ صلعم، ولم يَمت حتَّى وُلِد له عبدُ الله والد إسحاق هذا، وولد له عشرة من الذُّكور كلُّهم قد قرؤوا القرآن، وحدَّثوا على المنابر، منهم إسحاق هذا، فرضي الله تعالى عنها، وعن زوجها، كيف وهي إحدى عجائز الجنَّة الغُمَيصاء، كما سيأتي [في](7) ترجمتها إن شاء الله تعالى.
          قال الكِرْمانيُّ، في باب وسْم(8) الإمام، من كتاب الزَّكاة(9) ورد في الصَّحيح أنَّ رسول الله صلعم دعا لأبي طَلْحة(10) وأمِّ سُليم في ليلة وِقاعهما حين حملت بعبد الله، فقال: «بارَك الله لكما في ليلتكما.»(11) فجاءت بعبد الله والد إسحاق، ووُلد لعبد الله عشرة من القرَّاء.
          سمع: عمَّه لأمِّه أنس بن مالك، وأبا مُرَّة، وأبا عبد الرَّحمن ابن أبي عَمْرة.
          سمع منه: مالك بن أنس، والأوزاعيُّ، [روى عنه البخاريُّ](12) في مواضع، أوَّلها: في باب مَن قعد حيث ينتهي به المجلس، من كتاب العلم [خ¦66] .
          قيل: إنَّه بقي إلى زمن / بني هاشم. وكانت أوَّل ولايتهم لثلاثَ عشرةَ(13) بقيت من ربيع الأوَّل، سنة اثنتين(14) وثلاثين ومئة، فقيل: مات في تلك السَّنة. وقيل: بل سنة أربع وثلاثين ومئة.
          وكان أخوه عبد الله أصغر منه، يُكنَّى أيضاً أبا يحيى، ومات سنة أربع وثلاثين ومئة.


[1] في (ن) تصحيفاً: (بن).
[2] أخرجه ابن حبَّان في صحيحه برقم (7188)، والحديث أخرجه البخاريُّ (1301، 6129)، ومسلم (2150).
[3] في غير (ن): (فسجَّته).
[4] هكذا في النسخ جميعها ولعلها تصحيف من (فلا).
[5] في (س): (لم يزل حتى واقعها ثم).
[6] سقطت: (اليوم) من (س).
[7] ما بين معقوفتين سقط من النسخ كلها وأثبت لضرورى السياق.
[8] في (ن) تصحيفاً: (رسم).
[9] شرح البخاريِّ:8/ 47.
[10] في (ن) تصحيفاً: (وعن أبي طلحة).
[11] أخرج البخاريُّ برقم (1301). واضطربت العبارة في (ن) والمثبت من غيرها
[12] ما بين معقوفتين سقط من النسخ جميعها والمثبت ليستقيم السياق.
[13] في (ن): (لثلاث عشر).
[14] في (ن): (اثنين).