إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان

          6421- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الفراهيديُّ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) الدَّستَـُوائيُّ قال‼: (حَدَّثَنَا قَتَادَةُ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) وسقطَ «ابن مالكٍ» لغير أبي ذرٍّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ) بفتح الموحدة، أي: يطعن في السِّنِّ (وَيَكْبَرُ) بفتح الموحدة أيضًا في الفرعِ فيهما كأصله، وتضمُّ، أي: ويعظُم، فعبَّر عن الكثرةِ وهي كثرةُ عدد السِّنين بالعِظَمِ (مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ المَالِ، وَطُولُ العُمُرِ) وفي رواية أبي عَوَانة: عن قتادةَ _عند مسلمٍ_: «يهرمُ ابنُ آدمَ، ويشبُّ معه(1) اثنان: الحرصُ على المالِ، والحرصُ على العُمر» / ، قال القرطبيُّ: فيه كراهةُ الحرص على طولِ العمرِ وكثرةِ المالِ، وأنَّ ذلك ليس بمحمودٍ. وقال غيرهُ: الحكمةُ في التَّخصيصِ بهذين الأمرين أنَّ أحبَّ الأشياءِ إلى ابنِ آدم نفسه، فهو راغبٌ في بقائهَا، فأحبَّ لذلك طول العمر، وأحبَّ المال؛ لأنَّه أعظم في دوام الصِّحَّة الَّتي ينشأُ عنها غالبًا طول العمر، فكلَّما أحسَّ بقربِ نفادِ ذلك اشتدَّ حبُّه له ورغبتُه له في دوامهِ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .                      والكَرَى عِنْد الصَّبَاحِ يَطِيْبُ
والمَرْءُ مَا عَاشَ مَمْدُودٌ لَهُ أَمَلٌ(2)                     لَا يَنْتَهِي العُمْرُ حتَّى يَنْتَهِي الأَثَرُ
(رَوَاهُ) أي: الحديث (شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بن دِعامة، عن أنسٍ. وصله مسلمٌ من رواية محمَّد بن جعفر، عن شعبة بلفظ: «سمعتُ قتادةَ، عن أنسٍ» بنحوه. وأخرجهُ أحمد، عن محمَّد بن جعفر بلفظ: «يهرمُ ابنُ آدمَ، ويشبُّ(3) معه اثنتان(4)»، وأراد المؤلِّف بإيراد هذا التَّعليق دفع توهُّم الانقطاع فيه لكون قتادة مُدلِّسًا وقد عنعنَهُ، لكنَّ شعبة لا يحدِّث عن المدلِّسين إلَّا بما علم أنَّه داخلٌ في سماعهِم، فيستوي في ذلك التَّصريحُ والعنعنةُ بخلاف غيرهِ.


[1] في (ل): «منه».
[2] في (د): «أجل».
[3] في (د): «ويشيب».
[4] في (ع): «اثنان».