إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أنس: ما رأينا من شيء وإن وجدناه لبحرًا

          6212- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ) بضم الميم وفتح السين وتشديد الدال الأولى المهملة، ابن مُسَرْهدٍ قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بنُ سعيدٍ القطَّان (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج، أنَّه (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (قَتَادَةُ) بن دِعامة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) ☺ ، أنَّه (قَالَ: كَانَ بِالمَدِينَةِ فَزَعٌ) بفتح الفاء والزاي بعدها مهملة، خوفٌ فاستغاثُوا (فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلعم فَرَسًا) اسمه مندوبٌ (لأَبِي طَلْحَةَ) زيد بن سهل زوجُ أمِّ سُلَيم، واستبرأَ الخبر (فَقَالَ) صلعم لمَّا رجع: (مَا رَأَيْنَا مِنْ شَيْءٍ) يقتضِي فزعًا (وَإِنْ وَجَدْنَاهُ) أي: الفرس (لَبَحْرًا) بلام التَّأكيد، و«إن» مخفَّفة من الثَّقيلة، و«بحرًا» المفعول الثَّاني لـ «وجدناه» وشبَّه الفرس بالبحرِ لسعةِ خطوهِ وسرعةِ جريهِ.
          قال في «فتح الباري»: وكأنَّ البخاريَّ استشهدَ(1) بحديثَي أنسٍ لجوازِ التَّعريض، والجامع بين التَّعريضِ وبين ما دلَّا عليه استعمال اللَّفظ في غيرِ ما وضع له لمعنى جامعٍ بينهما.
          وقال ابن المُنَيِّر في «شرح التراجم»: حديثُ القوارير والفرس ليسا من المعاريضِ(2) بل من المجازِ، فكأنَّ(3) البخاريَّ لمَّا رأى ذلك جائزًا قال: فالمعاريض الَّتي هي حقيقةٌ أولى بالجوازِ(4). انتهى. ومحلُّ جواز استعمال المعاريضِ إذا كانت فيما يخلِّصُ من الظُّلم أو يحصِّل الحقَّ، وأمَّا استعمالُها في إبطالِ حقٍّ أو تحصيلِ باطلٍ فلا يجوزُ.
          والحديثُ سبق في «الجهاد» [خ¦2862].


[1] في (د): «استظهر».
[2] في (ع): «التعاريض».
[3] في (د): «وكأن».
[4] في (ص): «بالمجاز».