إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة

          6178- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) بن قعنبٍ أبو عبد الرَّحمن الحارثيُّ، أحدُ الأعلام (عَنْ مَالِكٍ) هو ابنُ أنس الأصبحيِّ، إمامُ دار الهجرة (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ) المدنيِّ مولى ابن عمر (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) ☻ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: إِنَّ الغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) قال في «بهجة النفوس»: الغدر على عمومهِ في الجليلِ والحقيرِ، وفيه أنَّ لصاحب كلِّ ذنبٍ من الذُّنوب الَّتي يريد الله(1) إظهارها علامةٌ يُعْرف بها صاحبها. ويؤيِّده قوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}[الرحمن:41] وظاهر الحديثِ أنَّ لكلِّ غدرةٍ لواء، فعلى هذا يكون للشَّخص الواحد عدَّة‼ ألويةٍ بعددِ غدراتهِ، والحكمةُ في نصب اللِّواء أنَّ العقوبة تقعُ غالبًا بضدِّ الذَّنب، فلمَّا كان الغدرُ من الأمور الخفيَّة ناسبَ أن تكون عقوبته بالشُّهرة، ونصب اللِّواء أشهرُ الأشياءِ عند العرب. انتهى.
          وقال غيرهُ: وفيه العملُ بظواهرِ الأمور. قال في «فتح الباري»: وهو يقتضِي حمل الآباءِ على من كان يُنسب إليه في الدُّنيا، لا على مَن هو في نفسِ الأمر، وهو المعتمدُ.


[1] اسم الجلالة زيادة من الفتح توضيحية.