إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث أبي موسى: المرء مع من أحب

          6170- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكين قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (عَنِ الأَعْمَشِ) سليمان، ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثنا الأعمشُ“ (عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى) عبد الله بن قيس الأشعريِّ ☺ ، كذا صرَّح به أبو نُعيم بأنَّ عبد الله هو أبو موسى. قال في «فتح الباري»: وهذا يؤيِّد قول بُنْدارٍ أنَّ عبد الله حيث لم ينسبْه، فالمراد به في هذا الحديث أبو موسى، وأنَّ من نسبه ظنَّ أنَّه ابن مسعودٍ لكثرةِ مجيء ذلك على هذه الصُّورة في رواية أبي وائلٍ، ولكنَّه هنا خرج عن القاعدةِ، وتبيَّن بروايةِ من صرَّح بأنَّه أبو موسى الأشعريّ أنَّ المراد بعبد الله: عبدُ الله بن قيسٍ، وهو أبو موسى الأشعري(1)، ولم أر من صرَّح في روايته عن الأعمش بأنَّه عبدُ الله ابن مسعودٍ، إلَّا ما وقع في رواية جرير بن عبد الحميد هذه يعني السَّابقة في هذا الباب عند البخاريِّ عن قتيبة عنه [خ¦6169].
          (قَالَ) أي: أبو موسى: (قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلعم ): يا رسول الله (الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟) بالألف بعد الميم المشددة، وهي أبلغُ من «لم» فإنَّ النَّفي بـ «لمَّا» أبلغ لأنَّه يستمرُّ إلى(2) الحال كقوله:
فَإِنْ كُنْتُ مَأْكُولًا فَكُنْ خَيْرَ آكِلٍ                      وَإِلَّا فَأَدْرِكْنِي وَلَمَّا أُمَزَّقِ
فيؤخذ منه هنا أنَّ الحكمَ ثابتٌ ولو بعد اللَّحاق. وقال في «الكواكب»: وفي كلمة «لمَّا» إشعارٌ بأنَّه يتوقع(3) اللُّحوق، يعني هو قاصدٌ لذلك ساعٍ في تحصيلِ تلك المرتبةِ له، وعند مسلمٍ: «ولمَّا يلحق بعملهم». وفي حديث صفوان بن عسَّال _عند أبي نُعيمٍ_: «ولم يعملْ بمثلِ عملهم» (قَالَ) صلعم : (المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ) إذ لكلِّ امرئٍ ما نوى. قال في «الفتح»: جمع أبو نُعيمٍ الحافظ(4) طرق هذا الحديثِ في «كتاب المحبين مع المحبوبين» وبلغَ عدد الصَّحابة فيه نحو العشرين، وفي رواية أكثرهم بهذا اللَّفظ يعني: «المرءُ مع من أحبَّ» / ، وفي بعضها بلفظ حديث أنس: «أنتَ مع مَن أحببْتَ» [خ¦6171] (تَابَعَهُ) أي: تابع سفيانَ الثَّوريَّ (أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد ابن خَازِم _بالخاء والزاي المعجمتين_ (وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ) بضم العين، ابن نُميرٍ، كلاهما عن الأعمش، فيما وصله مسلمٌ.


[1] «الأشعري»: ليست في (ع) و(ص) و(د).
[2] في (ل): «على».
[3] في (ع): «يتوقف».
[4] في (ص): «ألفاظ».