إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: استأذن حسان بن ثابت رسول الله في هجاء المشركين

          6150- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هو ابنُ سلام قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَةُ) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة، ابنُ سليمان قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ) بن المنذر بنِ حرام بنِ عَمرو بن زيدِ مناة بنِ عدي بنِ عمرو بنِ مالك ابنِ النَّجار الأنصاريُّ الخزرجيُّ، ثم النَّجاريُّ شاعرُ رسول الله صلعم ، وأمُّه الفُرَيعة _بالفاء والعين المهملة_ مصغَّرًا، خزرجيَّة أيضًا أدركتِ الإسلام فأسلمتْ وبايعتْ. قال أبو عُبيدة: فضل حسان الشُّعراء بثلاثٍ: كان شاعرَ الأنصار في الجاهليَّة، وشاعر النَّبيِّ صلعم أيَّام النُّبوَّة، وشاعر اليمن كلِّها في الإسلام، وكان يهجو الَّذين كانوا يهجونَ رسول الله صلعم واستأذن (رَسُولَ اللهِ صلعم فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ) ذمِّهم في شعره (فَقَالَ) له (رَسُولُ اللهِ صلعم : فَكَيْفَ بِنَسَبِي؟) أي: فكيف تهجوهُم ونَسبي فيهم، فربَّما يُصيبني شيءٌ من الهجو (فَقَالَ حَسَّانُ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ) لأتلطَّفنَّ في تخليصِ نسبكَ من هجوهم بحيثُ لا يبقى جزءٌ من نسبكَ فيما نالهُ الهجو (كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ) فإنَّها لا يبقَى عليها منه شيءٌ، وذلك بأن يَهْجوهم بأفعالهِم وبما يختصُّ عارُه بهم.
          والحديث مرَّ في «المغازي» [خ¦4145]، وأخرجه مسلمٌ / في «الفضائل».
          (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير _بالسَّند السَّابق_ أنَّه (قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ) بن ثابتٍ (عِنْدَ عَائِشَةَ) ♦ لموافقتهِ لأهل الإفكِ (فَقَالَتْ: لَا تَسُبُّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ) بضم التحتية وفتح النون وبعد الألف فاء فحاء مهملة، يُدافع ويُخاصم (عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم ) والمرادُ بالمنافحةِ هنا هجاءُ المشركين ومُجَازاتهم على أشعارِهِم.