إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء

          6122- وبه قال: (حَدَّثَنَا آدَمُ) بن أبي إياسٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج قال: (حَدَّثَنَا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ) بكسر الدال المهملة وتخفيف المثلثة، السَّدوسيُّ قاضي الكوفة، من جلَّة العلماء والزُّهَّاد (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ) ☻ (يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، لَا يَسقطُ وَرَقُهَا، وَلَا يَتَحَاتُّ) بتشديد المثناة الفوقية الأخيرة مرفوعًا، لا يتناثرُ ولا يحتكُّ بعضُ أوراقها ببعضٍ فتسقطَ (فَقَالَ القَوْمُ) وفيهم العُمَران: (هِيَ شَجَرَةُ كَذَا، هِيَ شَجَرَةُ كَذَا) قال ابن عمر: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ) وفي رواية مجاهد «فأردتُ أن أقولَ: هي النَّخلة، فإذا أنا أصغرُ القوم» [خ¦72] وله في «الأطعمة» فإذا أنا عاشر عشرةٍ أنا أحدثُهم [خ¦5444] (فَاسْتَحْيَيْتُ، فَقَالَ) النبي صلعم : (هِيَ النَّخْلَةُ) وعند البزَّار من طريق سفيان بنِ حسين، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر بإسنادٍ صحيح، قال: قال النَّبيُّ صلعم / : «مثلُ المؤمنِ كمثل النَّخلة ما أتاكَ منها نفعَكَ» ففيه الإفصاح(1) بالمقصود بأوجز عبارةٍ، وأحسنِ إشارةٍ، وأمَّا من زعم أنَّ موقع التَّشبيه بين المسلم والنَّخلة من جهة كونِ النَّخلة إذا قُطعَ رأسها ماتت، وأنَّها لا تحملُ حتَّى تُلقَّح، وأنَّ لِطَلعها رائحة كرائحةِ منيِّ الآدميِّ، أو لأنَّها تعشَقُ، أو لأنَّها تشربُ من أعلاها، فكلُّها _كما قال في «الفتح»_ ضعيفةٌ.
          وسبق الحديث في «كتاب العلم» [خ¦61] [خ¦72].
          (وَعَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج _بالإسناد السَّابق_ أنَّه قال: (حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى، الأنصاريُّ المدنيُّ (عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ) أي: ابن عمر بنِ الخطَّاب (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) عمِّه (مِثْلَهُ) أي: مثلَ الحديث السَّابق (وَزَادَ) فيه قال ابنُ عمر: (فَحَدَّثْتُ بِهِ) أبي (عُمَرَ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ قُلْتَهَا لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا) أي: ”من حُمُر النَّعم“ كما في الرِّواية الأخرى، ووجه تمنِّي عُمر ما طُبع الإنسان عليه من محبَّة الخيرِ لنسلهِ(2)، ولتظهرَ فضيلة الولد في الفهمِ من صغرهِ ليزدادَ من النَّبيِّ صلعم حَظْوةً.


[1] في (ب) و(س): «الإيضاح».
[2] في (ع) و(ص) و(د): «لنفسه».