إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال

          6105- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) أبو سلمةَ التَّبوذكيُّ الحافظ قال: (حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ) بضم الواو وفتح الهاء مصغَّرًا، ابن خالدٍ قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ (عَنْ أَبِي قِلَابَةَ) بكسر القاف، عبد الله بن زيدٍ الجرميِّ (عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ) بن خليفةَ بن ثعلبةَ الأنصاريِّ ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ) ملَّة (الإِسْلَامِ) كأن يقول: إن فعلَ كذا فهو يهوديٌّ (كَاذِبًا فَهْوَ كَمَا قَالَ) كاذبٌ لا كافرٌ لأنَّه ما تعمَّد بالكذب الَّذي حلف(1) عليه التزام الملَّة الَّتي حلفَ بها، بل كان ذلك على سبيل الخديعةِ للمحلوفِ له، وأمَّا من حلفَ بها وهو فيما حلفَ عليه صادقٌ، فهو لتصحيحِ براءته من تلك الملَّة مثل أن يقولَ: هو يهوديٌّ إن أكلَ اليوم، ولم يأكلْ فيه، فلم يتوجَّه عليه إثمٌ لعقد(2) نيَّته على نفيها لنفِي شرطها، لكنَّه لا يبرأ من الملامة لمخالفتهِ(3) حديث «مَن كان حالفًا فليحلِفْ بالله» [خ¦2679] نعم يكفرُ إن أرادَ أن يكون متَّصفًا بذلك إذا وقع المحلوفُ عليه؛ لأنَّ إرادة‼ الكُفر كفرٌ (وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) فعذابُه من جنسِ عمله (وَلَعْنُ المُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ) لأنَّ اللَّعن تبعيدٌ من رحمة الله، والقتلُ تبعيدٌ من الحياةِ (وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ) كأن قال له: يا كافر (فَهْوَ) أي: الرَّمْيُ (كَقَتْلِهِ) في التَّحريم، أو في التَّألُّم، ووجهُ المشابهة أنَّ النِّسبة إلى الكفرِ الموجب للقتلِ كالقتلِ في(4) أنَّ المتَّسبب للشيءِ كفاعلهِ.
          والحديثُ سبق في «الجنائزِ» [خ¦1363].


[1] في (ص): «عطف».
[2] في (د): «لفقد».
[3] في (د): «لمخالفة».
[4] في (ع) و(د): «و».