إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة

          6054- وبه قال: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ) المروزيُّ الحافظ قال: (أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيينة) سفيان قال: (سَمِعْتُ ابْنَ المُنْكَدِرِ) محمَّدًا، وقال: أنَّه (سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ) بن العوَّام (أَنَّ عَائِشَةَ ♦ أَخْبَرَتْهُ قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ) اسمه عُيينة بن حصنٍ الفزاريُّ، أو مَخْرمة بن نوفل (عَلَى رَسُولِ اللهِ صلعم ) في الدُّخول عليه (فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ أَوِ ابْنُ العَشِيرَةِ) وفي رواية معمر: «بئس أخو القومِ وابن القوم» (فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ) لِمَا جُبِلَ عليه صلوات الله وسلامه عليه (الكَلَامَ) استئلافًا وليُقْتَدَى به في المداراةِ، قالت عائشة ♦ : (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ) في الرَّجل من أنَّه بئس أخو العشيرةِ (ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الكَلَامَ؟ قَالَ) صلعم : (أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ _أَوْ) قال: (وَدَعَهُ النَّاسُ_ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ) بفتح الواو والدال المهملة المخفَّفة، بمعنى تركه، فاللَّفظان مترادفان. قال الجوهريُّ: وقولهم: دع ذا، أي: اتركه، وأصلهُ: وَدَع يَدَع، وقد أُمِيت ماضيهِ، لا يقال: ودعَهُ على أصلهِ(1). قال في «المصابيح»: والحديثُ يردُّ عليه، وقد قُرئ خارجَ السَّبع: ▬وَدَعَكَ↨ بالتَّخفيف. وقوله: «إنَّ شرَّ النَّاس» استئنافُ كلامٍ، كالتَّعليل لتركهِ مواجهةَ عُيَيْنَةَ بما ذكرهُ. وقال الزَّركشيُّ: قد ينازَع في تسمية هذا غِيبة بل هو نَصِيحة ليحذرَ السَّامع، وإنَّما لم يواجهِ المقولَ فيه بذلك لحُسْن خُلُقه صلعم ، ولو واجههُ بذلك لكان حسنًا لكن حصل القولُ بدون مواجهةٍ. انتهى. وأُجيب بأنَّ المراد أنَّ صورة الغيبة مَوجودة فيه، وإن لم يتناولِ الغيبة المذمومةَ شرعًا.
          والحديثُ مرَّ عن قريبٍ في «باب لم يكن النَّبيُّ صلعم فاحشًا» [خ¦6032].


[1] عبارة الصحاح: «ولا يقال ودعه، إنما يقال: تركه، ولا وادع ولكن تارك، وربما جاء في ضرورة الشعر، وَدَعه فهو مَوْدوعٌ».