إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة

          6004- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ (عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) الهباريُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّادُ بنُ أسامة (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروةَ بنِ الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: مَا غِرْتُ) «ما» نافية (عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ) «ما»(1) موصولةٌ، أي: الَّذي غرت (عَلَى) أي من (خَدِيجَةَ) ♦ (وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي) صلعم (بِثَلَاثِ سِنِينَ، لِمَا) أي لأجلِ ما (كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا) ومن أحبَّ شيئًا أكثرَ من(2) ذكره (وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ) ╡ (أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ) من لؤلؤٍ مجوَّفٍ (وَإِنْ كَانَ) مخفَّفة من الثَّقيلة، أي: وإنَّه كان (رَسُوْلُ اللَهِ صلعم ) وسقط ما بعد «كان» لأبي ذرٍّ (لَيَذْبَحُ الشَّاةَ) بلام التَّأكيد (ثُمَّ يُهْدِي) بضم التحتية (فِي خُلَّتِهَا مِنْهَا) أي: من الشَّاة المذبوحة، وزاد في «فضل خديجة» «ما يسعهنَّ» [خ¦3816]، ولمسلم: «ثمَّ يهديها إلى خَلائلها». وفي «الصِّحاح»: الخُلَّة الخليلُ يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث؛ لأنَّه في الأصل مصدرُ قولك: فلانٌ خليلٌ بيِّن الخُلَّة، والحاصل أنَّ ما كان من المصادر اسمًا يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث والمفرد وغيره، وجوَّز بعضُهم أن يكون هذا من حذفِ المضاف وإقامة المضاف إليه مقامَه، أي: ثمَّ يهدي إلى أهل خلَّتها.
          فإن قلتَ: ما وجه المطابقة بين الحديث والتَّرجمة؟ أُجيب بأنَّ لفظ التَّرجمة ورد في حديث عائشة عند الحاكمِ والبيهقيِّ في «الشُّعب» من طريقِ صالح بنِ رُستم، عن ابنِ أبي مُليكة، عن عائشة قالت: جاءتْ عجوزٌ إلى النَّبيِّ صلعم ، فقال: «كيف أنتم، كيف حالُكم، كيف كنتُم بعدنا؟» قالت: بخيرٍ بأبي أنتَ وأمِّي يا رسول الله. فلمَّا خرجتْ قلتُ: يا رسول الله تقبلُ على هذه العجوزِ هذا الإقبال؟ فقال(3): «يا عائشةُ إنَّها كانت تأتينَا زمان خديجةَ، وإنَّ(4) حُسْن العهدِ من الإيمان». فاكتفى البخاريُّ بالإشارة على عادتهِ تشحيذًا للأذهان، تغمَّده الله تعالى بالرَّحمة والرُّضوان.


[1] قوله: «ما»: ليس في (د).
[2] قوله: «من»: ليس في (ص) و(ع).
[3] قوله: «فقال»: ليس في (د).
[4] في (د): «فإن».