إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي

          5993- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حَدَّثني“ بالإفراد (حِبَّانُ) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة، ابنُ موسى أبو محمد السلميُّ المروزيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بنُ المبارك المروزيُّ (عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ) بكسر العين (عَنْ أَبِيهِ) سعيدِ(1) بنِ عَمرو بن سعيد بنِ العاص القرشيِّ الأمويِّ (عَنْ أُمِّ خَالِدٍ) واسمها أمية (بِنْتِ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ) ♦ ، أنَّها (قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم مَعَ أَبِي) هو خالدُ بن سعيد (وَعَلَيَّ قَمِيصٌ أَصْفَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : سَنَهْ سَنَهْ) بالسين المهملة والنون المخففة المفتوحتين آخره هاء ساكنة، وذكرها مرَّتين (قَالَ عَبْدُ اللهِ) بنُ المبارك _بالسَّند السَّابق_: (وَهْيَ) أي: سَنَه (بـ)ـاللُّغة (الحَبَشِيَّةِ حَسَنَةٌ. قَالَتْ) أمُّ خالد: (فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ) الَّذي بين كتفيه صلعم (فَزَبَرَنِي) بالزاي والموحدة المخففة والراء المفتوحات ثمَّ النون المكسورة، أي: نَهَرني وزجَرني ومَنَعني (أَبِي) من ذلك، ثمَّ(2) (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : دَعْهَا) أي: اترُكها (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم : أَبْلِي) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وكسر اللام (وَأَخْلِقِي) بفتح الهمزة وسكون المعجمة وكسر اللام والقاف، أمرٌ بالإبلاء(3) أي: البسي إلى أن يصير خلقًا باليًا. وفي رواية: ”واخلُفي“‼ بضم اللام وبالفاء بدل القاف، ونسبها في «المصابيح» لأبي ذرٍّ، أي: واكتسِي خلفه، يقال: خلفَ الله لك وأخلَفَ (ثُمَّ) قال ╕ : (أَبْلِي وَأَخْلِقِي، ثُمَّ) قال: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) كرَّرها ثلاثًا.
          (قَالَ عَبْدُ اللهِ) بن المبارك _بالسَّند السَّابق_: (فَبَقِيَتْ) أمُّ خالد (حَتَّى ذَكَرَ) الرَّاوي زمنًا طويلًا، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”فبقي“ أي: القميصُ ”دهرًا“(4)، ونسبها في «الفتح» لأبي عليِّ ابن السَّكن، لكنَّه(5) قال: ”ذكر دهرًا(6)“ بدل: «فبقي». وفي «المصابيح» «ذُكِرَ» بضم الذال المعجمة وكسر الكاف بعدها راء مبنيًّا للمفعول، أي: عُمِّرت حتَّى طالَ عمرها بدعاءِ النَّبيِّ صلعم . وقال في «الكواكب»: المعنى حتَّى صارَ القميصُ شيئًا مذكورًا عند النَّاس لخروجِ بقائهِ عن العادة. قال في «الفتح»: وكأنَّه _أي: صاحبُ «الكواكب»_ قرأ «ذُكِرَ» بضم أوله، لكنَّه لم يقع عندنا في الرِّواية إلَّا بالفتح / ، وتعقَّبه العينيُّ بأنَّ المعنى على ذكر مبنيًّا للمفعول، وإلَّا فلو كان مبنيًّا للفاعل فما يكون فاعله. انتهى.
          وفي رواية الكُشميهنيِّ: ”حتَّى دكَن دهرًا“ بالدال المهملة بدل المعجمة آخره نون بدل: الراء والكاف مفتوحة في الفرع، وضبطه في «الفتح» بكسر الكاف، أي: صار أسود (يَعْنِي مِنْ بَقَائِهَا) من بقاء أمِّ خالدٍ، أو الخميصة زمانًا طويلًا.
          ومطابقة التَّرجمة في قولها: «فذهبتُ ألعبُ». قال السَّفاقِسيُّ: ليس في حديثِ الباب للتَّقبيل ذكرٌ، فيحتملُ أن يكون لمَّا لم يَنْهَها عن مسِّ جسدهِ صارَ كالتَّقبيل، كذا قال فليتأمَّل.
          وهذا الحديثُ سبق في «الجهادِ» [خ¦3071] و«هجرة الحبشةِ» [خ¦3874] و«اللِّباس» [خ¦5823] [خ¦5845].


[1] في (د): «سعد».
[2] قوله: «ثم»: ليس في (د).
[3] في (ع): «من الإبلاء».
[4] ضبط في اليونينية رواية الكشميهني: «فَبقيتْ دهرًا حتى دَكِنَ».
[5] في (د): «لكن».
[6] قوله: «دهرًا»: ليس في (ع) و(د).