إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني

          7299- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المسنَدي قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابن يوسف اليمانيُّ(1) قاضيها قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ أنَّه (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَا تُوَاصِلُوا) في الصَّوم، بأن تَصِلوا(2) يومًا بيومٍ من غير أكلٍ وشربٍ بينهما، والنَّهي للتحريم أو التَّنزيه (قَالُوا): يا رسول الله (إِنَّكَ تُوَاصِلُ! قَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي) بإثبات الياء، ولأبي ذرٍّ(3): ”ويسقين“ بحذف الياء، لا يُقال: إنَّ قوله: «يُطعمني ويسقيني» منافٍ للوصال؛ لأنَّ المراد بالإطعام: لازمه، وهو التَّقوية، أو المراد من طعام الجنَّة، وهو لا يفطر آكله (فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ) ظنًّا منهم أنَّ النَّهي ليس للتحريم (قَالَ) أبو هريرة: (فَوَاصَلَ بِهِمُ النَّبِيُّ صلعم يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ رَأَوُا الهِلَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم : لَوْ تَأَخَّرَ الهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ) في المواصلة حتَّى تعجزوا عنها (كَالمُنَكِّلِ لَهُمْ) بكسر الكاف المشدَّدة، من التَّنكيل، أي: كالمُعذِّب لهم، وللحَمُّويي: ”كالمُنْكِي لهم(4)“ بضمِّ الميم وسكون النون وكسر الكاف، من النِّكاية والإنكاء(5)، وللمُستملي: ”كالمنكر“ أي: عليهم، فاللَّام في «لهم» بمعنى «على».
          واستُشكِل وجه المطابقة بين الحديث والتَّرجمة، وأُجيب بأنَّ عادة المؤلِّف إيراد ما لا يُطابق‼ ظاهرًا حيث تكون المطابقة في طريقٍ من طُرق الحديث؛ لتشحيذ الأذهان، ففي «التَّمنِّي» [خ¦7241] _كما سبق_: واصل النَّبيُّ صلعم آخر الشَّهر، وواصل أناس من النَّاس، فبلغ النَّبيَّ صلعم فقال: «لو مُدَّ في الشَّهر لواصلتُ وِصَالًا يدعُ المتعمِّقون تعمُّقهم، إنِّي لست مثلكم» وحديث الوصال واحدٌ وإن تعدَّدت رواته من الصَّحابة، وقد حصلت المطابقة على ما لا يخفى.


[1] في (ع): «الصَّنعانيُّ»، وكلاهما صحيحٌ.
[2] في (ع): «يواصلوا».
[3] العبارة في (ع): «لأبي ذرٍّ ولغيره»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
[4] «لهم»: ليس في (د).
[5] في (د) و(ع): «النكا»، وفي نسخة بهامش (د) كالمثبت.