إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله

          590- وبه قال: (حدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دُكَيْنٍ (قَالَ: حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ) بفتح الهمزة، المخزوميُّ المكِّيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبِي) أيمن (أنَّه سَمِعَ عَائِشَةَ) أُمَّ المؤمنين ♦ (قَالَت: وَ) الله (الَّذِي ذَهَبَ بِهِ) أي: توفَّاه، تعني: رسول الله صلعم (مَا تَرَكَهُمَا) من(1) الوقت الَّذي شغل فيه عنهما بعد الظُّهر (حَتَّى لَقِيَ اللهَ) ╡ (وَمَا لَقِيَ اللهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاة) بضمِّ قاف «ثقُل» (وَكَانَ) ╕ (يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ) حال كونه (قَاعِدًا _تَعْنِي) عائشة بقولها: «ما تركهما» (الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ) صلاة (العَصْرِ_) قالت: (وَكَانَ النَّبِيُّ صلعم يُصَلِّيهِمَا، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة وفتح المُثلَّثة وكسر القاف المشدَّدة، وفي رواية: ”يَثْقُل“ بفتح المُثنَّاة وسكون المثلَّثة وضمِّ القاف، أي: لأجل مخافة التَّثقيل (عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ) ╕ (يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ) بضمِّ المُثنَّاة التَّحتيَّة(2) وتشديد الفاء المَكسُورة وضمِّ(3) آخره مبنيًّا للفاعل، ويجوز: ”يُخفَّفُ“ بفتح المشدَّدة وضمِّ آخره مبنيًّا للمفعول، وللأَصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي(4) والكُشْمِيْهَنِيِّ: ”ما خفَّف عنهم“ بصيغة الماضي، وأمَّا ما عند التِّرمذيِّ _وقال: حسنٌ_ من طريق جريرٍ عن عطاءِ بن السَّائبِ عن سعيدِ بنِ جبيرٍ عن ابنِ عبَّاسٍ قال: إنَّما صلَّى النَّبيُّ صلعم الرَّكعتين بعد العصر لأنَّه أتاه / مالٌ فشغله عن الرَّكعتين بعد الظُّهر، فصلَّاهما بعدَ العصرِ ثمَّ لم يعدْ، فيُحمَل النَّفي على علم الرَّاوي فإنَّه لم يطَّلعْ على ذلك، والمثبت مُقدَّمٌ على النَّافي.
          ورواة هذا الحديثِ الأربعة ما بين كوفيٍّ ومكِّيٍّ، وفيه: التَّحديث والسَّماع والقول.


[1] في (م): «في».
[2] «التَّحتيَّة»: ليس في (د).
[3] في (د) و(م): «فتح»، وليس بصحيح.
[4] قوله: «وللأَصيليِّ وابن عساكر وأبي الوقت وأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي» سقط من (م).