إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن النبي نهى عن الصلاة بعد الصبح

          581- وبالسَّند قال: (حدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) الحوضيُّ (قَالَ: حدَّثنا هِشَامٌ) الدَّستوائيُّ (عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة (عَنْ أَبِي العَالِيَةِ) الرِّياحيِّ، واسمه رُفَيْعٌ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (قَالَ: شَهِدَ عِنْدِي) ليس بمعنى الشَّهادة عند الحاكم، وإنَّما معناه: أخبرني وأعلمني (رِجَالٌ) عدولٌ (مَرْضِيُّونَ) لاشكَّ في صدقهم ودينهم (وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ) بن الخطَّاب ☺ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم نَهَى) نهي تحريمٍ (عَنِ الصَّلاة) الَّتي لا سبب لها (بَعْدَ) صلاة (الصُّبْحِ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ) بضمِّ المُثنَّاة الفوقيَّة وكسر الرَّاء، كذا لأبي ذرٍّ، أي: تضيء وترتفع كرمحٍ، ولغيره: ”تَشْرُق“ بفتح أوَّله وضمِّ ثالثه بوزن «تَغْرُب» أي: حتَّى تطلع (وَ) تُكرَه الصَّلاة أيضًا (بَعْدَ) صلاة (العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ) الشَّمس، فلو أحرم بما لا سبب له كالنَّافلة المُطلَقة لم تنعقد كصوم يوم العيد، بخلاف ما له سببٌ كفرضٍ أو نفلٍ فائتين فلا كراهة فيهما «لأنَّه ╕ صلَّى بعد العصر سُنَّة الظُّهر الَّتي فاتته» رواه الشَّيخان، فالسُّنَّة الحاضرة والفريضة الفائتة(1) أَوْلى، وكذا صلاة جنازةٍ وكسوفٍ وتحيَّة مسجدٍ وسجدة شكرٍ وتلاوةٍ، ومنع أبو حنيفة مطلقًا إِلَّا عصر يومه، والنَّهي في الحديث مُعلَّقٌ(2) بأداء الصَّلاة لا بالوقت، فتعيَّن التَّقدير بالصَّلاة في الموضعين. نعم يتعلَّق أيضًا بمن لم يصلِّ من الطُّلوع إلى الارتفاع كرمحٍ، ومن الاستواء إلى الزَّوال، ومن الاصفرار حتَّى تغرب للنَّهي عن الصَّلاة فيها في / «صحيح(3) مسلمٍ»، لكن ليس فيه ذكر الرُّمح، وأشار الرَّافعيُّ إلى ذلك بقوله: ربَّما انقسم الوقت الواحد إلى متعلِّقٍ بالفعل، وإلى متعلِّقٍ بالزَّمان.
          ورواة هذا الحديث خمسةٌ، وفيه: رواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ عن صحابيٍّ، والتَّحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه.
          وبه قال: (حدَّثنا مُسَدَّدٌ) هو ابن مسرهدٍ (قَالَ: حدَّثنا يَحْيَى) القطَّان (عَنْ شُعْبَةَ) بن الحجَّاج (عَنْ قَتَادَةَ) بن دعامة أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا العَالِيَةِ) الرِّياحيَّ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (نَاسٌ بِهَذَا) أي: بهذا‼ الحديث بمعناه، وفي هذه الطَّريق التَّصريح بسماع قتادة لهذا الحديث من أبي العالية، ومتابعة شعبة لهشامٍ.


[1] «الفائتة»: سقط من (ص) و(م).
[2] في (ب) و(س): «متعلِّقٌ».
[3] في (د) و(م): «حديث».