الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: المدينة طابة

          ░3▒ (باب: المدينةُ طابةُ)
          أي: مِنْ أسمائها، إذ ليس في الحديث أنَّها لا تسمَّى بغير ذلك، وروى مسلم مِنْ حديث جابر بن سَمُرة مرفوعًا: ((أَنَّ اللَّه سَمَّى الْمَدِينَة طَابَة)) والطَّاب والطِّيب لغتان بمعنًى، واشتقاقهما مِنَ الشَّيء الطَّيِّب، وقيل: لطهارة تربتها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل: مِنْ طِيب العيش بها، وقال بعض أهل العِلم: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحَّة هذه التَّسمية لأنَّ مَنْ أقام بها يجد مِنْ تربتها وحيطانها رائحةً طيِّبة لا تكاد توجد في غيرها، وللمدينة أسماء غير ما ذُكر، منها ما رواه عُمَر بن شبَّة في «أخبار المدينة» مِنْ رواية زيد بن أَسْلَم قال: قالَ النَّبيُّ صلعم: ((لِلْمَدِينَةِ عَشَرَة أَسْمَاء هِيَ: الْمَدِينَة، وَطَابَة، وَطَيْبَة، وَالْمُطَيَّبَة، وَالْمِسْكِينَة، وَالدَّار، وَجَابِرَة، وَمَجْبُورَة، وَمُنِيرَة، وَيَثْرِب))(1). انتهى مختصرًا مِنَ «الفتح».
          قال القَسْطَلَّانيُّ: ولها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدلُّ على شرف المسمَّى، وذكر عدَّة أسماء سِوى ما تقدَّم عن الحافظ، وقال أيضًا: ولله درُّ الإشبيليِّ! حيث قال: لتربة المدينة نفحة ليس كما عُهد مِنَ الطِّيب، بل هو عجب مِنَ الأعاجيب. انتهى.
          وكتب مولانا عبد الحيِّ اللكنويُّ في مقدِّمة «الهداية»: للمدينة أربع وتسعون اسمًا مبسوطة في «وفاء الوفاء»، وكثرة الاسم تدلُّ على شرف المسمَّى، ويكفيه كونه مسكنًا لسيِّد الخلق صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ومدفنًا له. انتهى.
          قلت: ولا يبعد عندي أنَّ المقصود مِنْ ذكر هذه التَّراجم إظهار حبِّ المدينة، ومَنْ أحبَّ شيئًا أكثرَ مِنْ ذكره.


[1] فتح الباري:4/88