الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: يفكر الرجل الشيء في الصلاة

          ░18▒ (باب: تَفَكُّر الرَّجل الشَّيء...) إلى آخره
          قال الحافظ: قال المهلَّب: التَّفكُّر أمر غالب لا يمكن الاحتراز منه في الصَّلاة ولا في غيرها لِما جعل الله للشَّيطان مِنَ السَّبيل على الإنسان، ولكنْ يفترق الحال في ذلك، فإن كان في أمر الآخرة والدِّين كان أخفَّ ممَّا يكون في أمر الدُّنيا. انتهى.
          قوله: (إنِّي لأجهِّز جيشي...) إلى آخره، قال الحافظ: روى صالح بن أحمد بن حنبل مِنْ طريق همَّام أنَّ عمر ╩ صلَّى المغرب فلم يَقرأ، فلمَّا انصرف قالوا: يا أمير المؤمنين إنَّك لم تقرأ؟ فقال: إنِّي حدثت نفسي وأنا في الصَّلاة بِعِيرٍ جَهَّزْتُها مِنَ المدينة حتَّى دخلت الشَّام، ثمَّ أعاد وأعاد القراءة. انتهى.
          قلت: وهذا يُبطل ما قيل في معنى قول عمر هذا: أُجهِّز جيشي وقلبي متعلِّق بالصَّلاة. وأجاد الشَّيخ محمَّد مظهر [جان] جانان قُدِّس سرُّه في مكتوباته معنًى يليق بشأنه، ما حاصله أنَّ الصَّلاة في العِلم الحضوريِّ وهو في مرتبة الفناء، وتجهيز الجيش في مرتبة العلم الحصوليِّ فلا تَنافي.
          ثمَّ لا يذهب عليك أن الشُّرَّاح قاطبة ختموا أبواب العمل على هذا الباب، واستأنفوا أبواب السَّهو مستقلَّة، والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف / أنَّ الإمام البخاريَّ ذكر أبواب السَّهو ثمرة لهذا الباب، وهو تفكُّر الرَّجل في الصَّلاة، فإنَّ التَّفكُّر قد يفضي إلى السَّهو، وأمَّا أبواب العمل فتنتهي إلى أبواب الجنائز، فلا يُشكل بالبابين الآتيين قبيل الجنائز مِنْ (باب: إذا كلَّم وهو يصلِّي) و (باب: الإشارة في الصَّلاة) فإنَّهما مِنْ أبواب العمل.