الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يجوز من البصاق والنفخ في الصلاة

          ░12▒ (باب: مَا يَجُوز مِن البُصَاق والنَّفْخ فِي الصَّلاة)
          قالَ السِّنْديُّ: كلمة (ما) يحتمل أن تكون استفهاميَّةً، أي: [أيُّ] قسمٍ يجوز مِنْ أقسام البصاق والنَّفخ، أو موصولةً، أي: باب القسم الَّذِي يجوز منهما، لكنَّ فيه أنَّ ما ذكره في الكتاب وإن عُلم منه في البصاق ما يجوز وهو ما في اليسار وما لا يجوز لكن لم يُعلم في النَّفخ ذلك، فالوجه أن يجعل (النَّفخ) عطفًا على (ما يجوز) لا على (البصاق)، أي: وباب: النَّفخ، أو يجعل (ما) موصولة، و(مِنْ) في قوله: (مِنَ البصاق) بيانيَّة، ويُعتبر الجواز في مقابلة الفساد، لا في مقابلة الحرمة... إلى آخر ما في «هامش اللَّامع».
          قال الحافظ: وجه التَّسوية بينهما أنَّه ربَّما ظهر مِنْ كلٍّ منهما حرفان، وهما أقلُّ ما يتألَّف منه الكلام، وأشار المؤلِّف إلى أنَّ بعض ذلك يجوز وبعضه لا يجوز، فيحتمل أنَّه يرى التَّفرقة بينهما(1) إذا حصل مِنْ كلٍّ منهما كلام مفهوم أم لا، أو الفرق بين ما إذا كان حصول ذلك محقَّقًا ففعلُه يضرُّ وإلا فلا. انتهى.
          واختلف الفقهاء في النَّفخ في الصَّلاة فكرهه طائفة، رُوي ذلك عن ابن مسعود والنَّخَعيِّ، وهو قول مالك وأبي يوسف وأحمد، وقيل: هو بمنزلة الكلام يقطع الصَّلاة، رُوي ذلك عن مالك في «المدوَّنة» وقيل: النَّفخ إن كان يُسْمَع فهو بمنزلة الكلام يَقْطَع وإلَّا فلا، وهو قول أبي حنيفة ومحمَّد. انتهى .
          كذا في العَينيِّ.
          وفي «الفيض»: في «البحر» قولان: قيل: إن كان النَّفخ مهجَّأً أفسد الصَّلاة وإلَّا لا، وقيل: إن كان مسموعًا أفسدها وإلَّا لا. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع» عن العينيِّ: وقد فُسِّر النَّفخ في الحديث بقوله: أف أف، وبهذا استدلَّ أبو يوسف على أنَّه لا تفسد صلاته خلافًا لهما، وأجابا بأنَّه كان ثمَّ نُسخ(2). انتهى.
          قلت: يشكل عليه أنَّ هذه القصَّة كانت سنة عشر مِنَ الهجرة، والنَّسخ كان قبله بكثير، فالأوجه عندي في الجواب أنَّ التَّأوُّه بذكر النَّار لا يفسد كما هو معروف في الفقه، والله سبحانه وتعالى أعلم.


[1] في (المطبوع): ((بين ما)).
[2] عمدة القاري:7/291 مختصرا