التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير

          6558- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّ اسمه مُحَمَّد بن الفضل السدوسيُّ، وأنَّ لقبَ مُحَمَّدٍ عَارمٌ، وأنَّه بعيد من العَرامة، وتَقَدَّمَ ما (العَرامة) [خ¦60]، و(حَمَّادٌ) بعده: هو ابن زيد، و(عَمْرو): هو ابن دينار المَكِّيُّ الإمام، لا عمرو بن دينار قهرمانُ آل الزُّبَير، هذا ليس له في «البُخاريِّ» و«مسلمٍ» شيءٌ، إنَّما روى [له] التِّرْمِذيُّ وابن ماجه، والله أعلم، و(جَابِر): هو ابن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريُّ، تَقَدَّمَ.
          قوله: («كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ»، قُلْتُ: مَا الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ: الضُّغَابِيسُ): (الثَّعارِيْر): بفتح الثاء المُثَلَّثَة، وبالعين المُهْمَلة، وبعد الألف راءان، بينهما مُثَنَّاة تحت ساكنة، الراء الأولى مكسورة، و(الضُّغَابِيْس): بضَمِّ الضاد المُعْجَمة، والغين مثلها، وبعد الألف مُوَحَّدة مكسورة، ثُمَّ مُثَنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ سين مهملة، قال الدِّمْيَاطيُّ: (الضُّغَابِيْس: صغار القِثَّاء، شُبِّهوا بها؛ لسرعة نموِّها)، انتهى، وفي «المطالع»: («الثَّعَارِير»: فسَّرها في الحديث: «الضغابيس»، قال ابن الأعرابيِّ: هي قثَّاء صغار، وقال أبو عبيد: هي شبه قثَّاء صغارٍ تُؤكَل؛ يعني: الضغابيسَ، قال: وهي الشعارير أيضًا بالشين، وقال غيره: الثَّعَارِير: واحدها: ثُعرور؛ وهي رؤوس الطراثيث تكون بيضاءَ، شُبِّهوا بها، وقيل: هو شيءٌ يخرج من أصول السَّمُر، قال: والضغابيس: شبه العراجين تنبت في أصول الثُّمَام، قال: والثعارير: الطراثيث، والطُّرثوث: نباتٌ كالقطن مستطيلٌ، وقيل: الثَّعَارير: شبه العساليج، وفي «الجمهرة»: الطرثوث: نَبْتٌ ينبت في الرمل، وقال الأصمعيُّ: الضغابيس: نَبْتٌ ينبت في أصول الثُّمَام، يشبه الهليون، يُسلَق ثُمَّ يُؤكَل بالخلِّ والزيت، وقيل: هو نَبْتٌ بالحجاز ينبت في أجواف الشجر وفي الإذخر، يخرج قدر شبر في دقَّة الأصابع، لا ورقَ له، أخضر في غبرة، وفيه حُموضة، يُؤكَل نيِّئًا، وقد يُسَمَّى بذلك ما دام رَطْبًا، فإذا اكتمل؛ فهو الثعارير، وقيل: الثعارير: هو البياض الذي في أسفل الضغابيس، وقيل: الثعارير: الأَقِط ما دام رَطْبًا، وجدتُ للقابسيِّ: هي صَدَفُ الجَوْهر، وقد يعضد هذا قولُه في الحديث الآخَرِ: «كأنَّهم اللؤلؤ» [خ¦7439])، انتهى، وفي «النهاية»: القثَّاء، وقيل: رؤوس الطراثيث، شُبِّهوا بالأوَّل؛ لسرعة نمائها، وبالثاني؛ لبياضها، وفي «الصحاح»: (الثعارير: الثآليل، وحملُ الطراثيث)، انتهى.
          و(الضُّغَابِيس): تَقَدَّمَ ضبطه، وواحدها: ضُغبوس، ورأيت في حاشيةٍ عن الصغانيِّ أبي الحسن اللغويِّ: (يُروى: «التغاريز»؛ بالتاء باثنتين من فوقها، والغين المُعْجَمة، وآخرها زاي، وهي جمع «تَغرِيز»؛ وهو ما حول الفسيل وغيرِه يُغرَز، ويُروى: «الثعارير»)... إلى آخر كلامه، والكلام في هذه الرواية الثانية معروفٌ.
          قوله: (وَكَانَ قَدْ سَقَطَ فَمُهُ): النَّحْويُّون يُنكرون اجتماع الميم مع إضافة الفم إلى المضمر، ويَرَوْنَ أنَّه جائزٌ في الشِّعر، لا في غيره، وإنَّما إعرابُه عندهم بالحروف؛ بالواو رفعًا، وبالألف نصبًا، وبالياء جرًّا، فحقُّه هنا أن يُقال: (سقط فُوه) عندهم، ومعنى (سقط فمُه)؛ أي: سقطت أسنانه، ومعنى هذا الكلام: أنَّه كان لا يعطي الحروفَ حقَّها، فيُبدِل الثاءَ تاءً، والله أعلم.