التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: من بلغ ستين سنةً فقد أعذر الله إليه في العمر

          قوله: (بَابٌ: مَنْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً؛ فَقَدْ أَعْذَرَ اللهُ إِلَيْهِ): قال في «النهاية»: (لم يُبق فيه موضعًا للاعتذار حيث أمهلَه طولَ هذه المدَّة ولم يَعتذر، يقال: أَعذَرَ الرجُلُ؛ إذا بلغ أقصَى الغايةِ في العُذر، وقد يكون «أَعذر» بمعنى: عَذَرَ، ومنه حديثُ المِقداد: «لقد أَعذَرَ اللهُ إليك»؛ أي: عَذَرَك وجَعَلَك موضعَ العُذْر، فأسقَط عنك الجهادَ، ورخَّص لك في تَرْكه؛ لأنَّه كان قد تناهى في السِّمَن، وعجز عن القتال)، انتهى، وقال النَّوَويُّ: (لم يترك له عذرًا).
          قال ابن المُنَيِّر بعد أن ذكر ما في الباب على عادته: (وجه مطابقة حديثِ عِتْبَان للترجمة _وحديثُ عِتْبَان: «لن يوافيَ عبدٌ يوم القيامة يقول: لا إله إلَّا الله يبتغي بها وجهَ الله إلَّا حرَّم الله عليه النارَ» [خ¦6422] قال ابن المُنَيِّر:_ التنبيهُ على أنَّ هذا الإعذار لا يقطع التوبة بعد ذلك، وإنَّما هو إعذارٌ لقطع الحُجَّة التي جعلها الله حجَّةً للعبد بفضله، وإلَّا؛ فللَّه الحُجَّة البالغة قبل هذا السِّنِّ وبعدَه، واستدلَّ على قبول التوبة بعد الستِّين وبقاءِ الرجاء بالأحاديث التي ساقها مع حديث الترجمة، فقَبول الله توبة عبده بعد هذا السِّنِّ من فضله، لا من حقِّ العبد، على أنَّه لا حقَّ له على الله قبلُ ولا بعدُ)، انتهى، وما قاله لا يتأتَّى على ما في أصلنا الذي سمعنا منه على العِرَاقيِّ، ولا أصلنا الآخر الدِّمَشْقيِّ؛ وذلك لأنَّه فصل بين حديث عِتْبَان والحديثِ الذي قبله بترجمةٍ، ولفظُ الترجمة: (باب العمل الذي يُبتَغَى به وجهُ الله...)، ولا سؤالَ على ذلك، والسؤالُ إنَّما يتأتَّى على ما وقع له؛ وهو وصلُ حديثِ عِتْبَان بما قبله، لا على فصله بينهما بترجمةٍ، والله أعلم. /
          قوله: ({وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ}[فاطر:37]): هو الرسول، أو الكتاب، أو كمال العقل، أو الحُمَّى، أو موت الأهل والعشائر، أو الشَّيب، والله أعلم.