التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي

          5101- قوله: (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ): تَقَدَّمَ مِرارًا أنَّه أبو اليمان، و(شُعَيْبٌ) بعده: هو ابن أبي حمزة، و(الزُّهْرِي): مُحَمَّد بن مسلم ابن شهاب، وتَقَدَّمَ الكلام على (زَيْنَب بِنْت أَبِي سَلَمَةَ)، وعلى أمِّها وأبيها ♥ [خ¦298]، وعلى (أُم حَبِيبَةَ): رملة بنت أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة، أمِّ المؤمنين ♦ [خ¦427].
          قوله: (انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ): أخت أمِّ حبيبة المشار إليها: تَقَدَّمَ أنَّها عزَّة، كما في «مسلم»، [خ¦67/10-7525] قال القاضي: (ولا نعلم هذه في بنات أبي سفيان إلَّا في هذا الحديث)، وقد تَقَدَّمَ، وقيل: حمنة، وقيل: درَّة، والأوَّل أصحُّ.
          قوله: (أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ): (أوَتحبِّين): بفتح الواوِ على الاستفهام، و(ذلكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث، وهذا ظاهِرٌ.
          قوله: (لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ): هو بِضَمِّ الميم، وإسكان الخاء المُعْجَمة، ثُمَّ لام مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت، ثُمَّ تاء التَّأنيث؛ أي: منفردة.
          قوله: (إِنَّ ذَلِكِ): هو بكسر الكاف؛ لأنَّه خطاب لمؤنَّث.
          قوله: (فَإِنَّا نُحَدَّثُ): هو بِضَمِّ النُّون، وفتح الدَّال المُشَدَّدة، مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
          قوله: (بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ): (بنت أبي سلمة) المشار إليها: هي دُرَّة بنت أبي سلمة عبدِ الله بن عبد الأسد، صحابيَّة مذكورة فيهنَّ، و(دُرَّة)؛ كالتَّلفُّظ بالطَّائر المعروف، وقال القاضي عياض عن بعض رواة مسلم: بفتح الذَّال المُعْجَمة، قال النَّوَويُّ: (وهو تصحيف)، قال ابن شيخنا البلقينيِّ: (بنت أمِّ سلمة درَّةُ، بلا خلاف، هذا هو المعروف، ووقع في «البَيْهَقيِّ»: قد بلغني أنَّك تخطب زينب بنت أبي سلمة، وعزاه للبخاريِّ ولم يجد ذلك فيه)، انتهى، واعلم أنَّ البَيْهَقيَّ وغيرَه _كالبغويِّ في «شرح السُّنَّة»_ إذا عزَوا إلى البُخاريِّ أو مسلم؛ فإنَّما يريدون أصلَ الحديث، لا لفظَه بعينه، والله أعلم، وقال الذَّهَبيُّ في «تجريده»: (دُرَّة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد، وَرَدَ أيضًا أنَّ أمَّ حبيبة قالت لرسول الله صلعم: إنَّا قد تحدَّثنا أنَّك ناكح درَّة بنت أبي سلمة، فقال: «لو لم أنكِح أمَّ سلمة؛ لما حلَّت لي؛ لأنَّ أباها أخي مِن الرَّضاعة، فلا تعرضنَ عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ»)، انتهى، وسيجيء قريبًا أنَّها دُرَّة [خ¦5106]، وكذا بعده أيضًا [خ¦5372]، وكذا جاءت مسمَّاةً في «مسلم» من غير طريق، والله أعلم.
          تنبيهٌ: وقع في «الصَّحابة» لأبي موسى: أنَّها حمنة، ثُمَّ قال: (والأشهرُ غَيْرُه).
          قوله: (بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ!): هي منصوبة، ونصبها ظاهر.
          قوله: (لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي؛ مَا حَلَّتْ لِي...) إلى آخره: معنى هذا الكلام: أنَّها حرام عليَّ لسببين؛ كونها ربيبة، وكونها بنت أخ، فلو فُقِد أحد السَّببَين؛ حَرُمت بالآخر، و(الحَـِجر): تَقَدَّمَ قريبًا وبعيدًا أنَّه بفتح الحاء وكسرها [خ¦223] [خ¦5092].
          تنبيهٌ: تمسَّك داود بن عليِّ بن خلف الأصبهانيُّ إمامُ أهلِ الظَّاهر بظاهرِ هذا الحديث وظاهرِ الآية؛ وهي قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم}[النِّساء:23]، فعنده أنَّ الرَّبيبة لا تَحرُم إلَّا إذا كانت في حَجر زوج أمِّها، فإن لم تكن في حَجره؛ فهي حلالٌ له، ومذهبُ العلماء كافَّةً سواهُ: أنَّها حرامٌ سواء أكانت في حجره أم لا، قالوا: (والتقييد إذا خرج على سببٍ؛ لكونه الغالب؛ لم يكن له مفهومٌ يُعمَل به، فلا يُقصَر الحكمُ عليه، ونظيرُه قولُه تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ}[الأنعام:151]، ومعلومٌ / أنَّه يَحرُم قتلُهم بغير ذلك أيضًا، لكن خرج التَّقييد بالإملاق؛ لأنَّه الغالبُ، وقولِه تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}[النُّور:33]، وله نظائر في القرآن والسُّنَّة)، والله أعلم.
          قوله: (ثُوَيْبَةُ): هي بِضَمِّ الثَّاء المُثلَّثة، وفتح الواو، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، ثُمَّ تاء التَّأنيث، وهي ثويبة مولاة أبي لهب، كما سيجيء في هذا الحديث مِن كلام عروةَ، يقال: إنَّها أسلمت، فالله أعلم، قال أبو نعيم: (لا أعلم أحدًا أثبتَ إسلامها غير ابن منده)، انتهى، تُوُفِّيَت سنة سبع، قاله ابن سعد، كما أفاده الحافظ مغلطاي، وذكره في «سيرته»، ولم يعزُه لأحد، وفي «ابن بشكوال»: (تُوُفِّيَت بخيبر).
          قوله: (مَوْلَاةٌ لأَبِي لَهَبٍ): تَقَدَّمَ الكلام على أبي لهب واسمه وما يتعلَّق به، ومتى هلك؛ فانظره في (التَّفسير) [خ¦4770].
          قوله: (أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ): قال الإمام السُّهيليُّ: (وفي غير كتاب «البُخاريِّ»: أنَّ الذي رآه من أهله أخوه العَبَّاس بن عبد المطَّلب، قال: «مكثت حولًا لا أَرَاهُ، ثُمَّ إنِّي رأيتُه في شرِّ حالٍ، قال: ما لقيتُ بعدكم راحة إلَّا أنَّ العذاب يُخفَّف عنِّي كلَّ يوم اثنين»).
          قوله: (بِشَرِّ حِيْبَةٍ): (الحِيْبَة): بكسر الحاء المُهْمَلة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مفتوحة، ثُمَّ تاء التأنيث، قال ابن الأثير: (أي: بشرِّ حال، و«الحِيبَة، والحُوبة»: الهمُّ والحزن، و«الحِيبَة» أيضًا: الحاجة والمسكنة)، انتهى، وقال ابن قُرقُول: («حِيبَة»، كذا للمستملي والحمُّوي؛ ومعناه: سوء الحال، ويقال فيه أيضًا: الحَوبة، ولغيرهما: «بشر خَيْبَة»)، انتهى.
          قوله: (لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ): قال شيخنا: (قال ابن بَطَّال: أسقط من رواية [البخاري]: «راحة» بعد قوله: «لم ألق بعدكم»؛ لأنَّه لا يتمُّ الكلام على ما رواه البُخاريُّ)، قال: (وكذلك سقط منه: «وأشار إلى النُّقْرة...» إلى آخره، ولا يقوم معنى الحديث إلَّا بذلك، ولا أعلم ممَّن جاء الوَهَمُ فيه)، انتهى، وقال أبو القاسم السُّهيليُّ: (هكذا في رواية الأصيليِّ عن أبي زيد، وفي رواية غيره قال: ما لقيت بعدكم مِن راحةٍ غيرَ أنِّي سُقِيت في مثل هذه _وأشار إلى النُّقرة ما بين السَّبابة والإبهام_ بعتقي ثُوَيبة)، انتهى، كأنَّه يُعلِّل ما ناله مِن الماء، وكونه سُقِي في النُّقرة المذكورة رواه البَيْهَقيُّ في «دلائله»، وعزاه هو والبغويُّ في «شرح السُّنَّة» إلى البُخاريِّ، ومرادهما: أصلُه.
          قوله: (إِلَّا(1) أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ): (سُقِيت): مَبْنيٌّ لِما لمْ يُسَمَّ فاعِلُه، وفي آخره تاء المتكلِّم المضمومة، وهذه إشارة إلى النقرة التي ذكرتُها أعلاه.
          قوله: (بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ): (عَتَاقة): بفتح العين، وهذا ظاهِرٌ، و(ثويبةَ): مَنْصوبٌ، مفعول المصدر، وهذا ظاهِرٌ أيضًا، وهي غير مصروفة؛ للعلميَّة والتَّأنيث، وهذا ظاهِرٌ جدًّا.


[1] كذا في (أ)، وفي «اليونينيَّة» و(ق): (غير).