التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب من جعل عتق الأمة صداقها

          قوله: (بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا): تَقَدَّمَ أنَّه اختلف الفقهاء في هذه المسألة؛ فمنهم من جعل ذلك خصوصًا به ◙، كما خُصَّ بالموهوبة وبالتِّسع، ومنهم مَن جعل ذلك سنَّةً لمن شاء مِن أُمَّته، وقد قَدَّمْتُ ذلك مُطَوَّلًا، وأنَّ التِّرْمِذيَّ نقله عن الشَّافِعيِّ في «جامعه»، وهذا نصٌ غريبٌ، والمعروف عند أصحابه في كتبهم أنَّه مِن الخصائص [خ¦4200]، والله أعلم.
          تنبيهٌ: روى أبو الشيخ ابن حَيَّانَ مِن حديثِ شَاذِّ بن فيَّاض: حدَّثنا هاشم بن سعيد: حدَّثنا كِنانَة عن صفيَّة قالت: «أعتقني رسولُ الله صلعم، وجعل عِتْقي صداقي»، وذكر الحربيُّ(1)، وابنُ مَندة، وأبو نُعيم، وابن عَبْدِ البَرِّ، وغيرهم: أنَّه ◙ أصدق صفيَّة جاريةً تُدعى رُزَينة، قاله شيخنا، والحديث الذي ساقه مِن عِند أبي الشيخ مُنكَرٌ ذكره الذَّهَبيُّ في ترجمة هاشم بن سعيد في «ميزانه» عن ابن عديٍّ، انتهى، ولم يكن عندي مِن مُصنَّفات هؤلاء الذينَ نقلَ عنهم ذلك إلَّا «الاستيعابَ»، وقد راجعت ترجمة صفيَّة، وترجمة رُزَينة، فلم أرَ ذلك فيهما، فالله أعلم، ولعلَّ أبا عُمر ذكر ذلك في «التمهيد» أو غيرِه، وقد رأيت في «المعجم الكبير» للطَّبَرانيِّ في (معجم النِّساء) قال الطَّبَرانيُّ: (حدَّثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل: حدَّثني عُبيد الله بن عمر القواريريُّ: حدَّثتنا عُليلة بنت الكُميت عن أمِّها أُمينة عن أَمةِ الله بنت رُزَينة عن أمِّها رُزَينة قالت: لمَّا كان يوم قُرَيظَة والنَّضير؛ جاء رسول الله صلعم بصفيَّة بنت حُييٍّ وذراعها في يده، فلمَّا رأتِ السَّبي؛ قالت: أشهد أن لا إله إلَّا الله، وأنَّك رسول الله، فأرسل ذراعها مِن يده، وأعتقها، وخطبها، وتزوَّجها، وأمهرها رُزَينة)، كذا في هذه الرِّواية: (يوم قُرَيظَة والنَّضير)، والمعروف غير ذلك، وفي السَّند عُلَيلة وأمُّها لا أعرفهما، وأمَّا أمَة الله؛ فذكرها الذَّهَبيُّ في الصَّحابة، فقال: (أمَة الله بنت رزينة خادمة النَّبيِّ صلعم)، انتهى، وقد ذكرها ابن الأثير في «أُسده» أيضًا، وقد راجعتُ «زوائد المعجمَين؛ الصَّغير والأوسط»، فلم أرَ ذلك فيهما، وقد قَدَّمْتُ لك أنِّي رأيتُه في «الكبير»، والله أعلم.


[1] كذا في (أ)، وفي المطبوع من مصدره: (رزين).