التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي وأبو طلحة بين

          3811- قوله: (حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه بفتح الميمين بينهما عينٌ ساكنة، وأنَّ اسمه عبد الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج المِنْقَريُّ، و(عَبْدُ الْوَارِثِ) بعده: تَقَدَّم أنَّه ابن سعيد أبو عبيدة الحافظ، وتَقَدَّم مترجمًا [خ¦213]، و(عَبْدُ الْعَزِيزِ): تَقَدَّم مِرارًا أنَّه ابن صُهيب.
          قوله: (انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صلعم يومَ أُحُد): تَقَدَّم أنَّها كانت في شوَّال سنة ثلاثٍ يوم السبت لإحدى عشْرةَ ليلةً خلت منه عند ابن عائذ، وعند ابن سعد: (لسبع ليالٍ خلون منه على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من مُهاجَره)، وقيل: للنِّصف منه [خ¦1351].
          وقوله: (انهزم الناس): تَقَدَّم في (الجهاد) أنَّ فيه مجازًا، وأنَّه لا يُعرَف في موطنٍ مِنَ المواطن انهزم الناس كلُّهم عن النَّبيِّ صلعم، وقد تَقَدَّم الاختلاف في عدد مَن ثبت معه في أُحُد في (الجهاد)؛ فانظره [خ¦2880]، وهنا ما يدلُّك على المجاز، فإنَّه قال: إنَّ أبا طلحة بين يديه ◙، وقد ذكرتُ من ثبت معه مسمَّين غيرَ مرَّةٍ [خ¦2805] [خ¦3039].
          قوله: (مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ): (مُجَوِّب)؛ بضمِّ الميم، وفتح الجيم، وتشديد الواو المكسورة، ثمَّ موحَّدة، قال ابن قُرقُول: (أي: مترِّس، وقد جاء في حديث آخر: «يتترَّس مع النَّبيِّ صلعم بتُرْس واحد»، والجَوْبُ: التُّرس، ورواه بعضُهم: «مُحَوِّيًا»، من الحويَّة، والأوَّل هو الصواب، وصحَّفه بعضُهم: «مُحَدِّبٌ(1) عليه بحَجَفَة»: مُشْفِقٌ حانٍ عليه، والحَدبُ: الحُنوُّ والإشفاق)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («مُجَوِّب»؛ أي: مُترِّس عليه يقيهِ بها، ويقال للتُّرس أيضًا: جَوْبَة).
          قوله: (شَدِيدًا لَقَدْ(2) يَكْسِرُ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة(3)): كذا في أصلنا، وفي نسخة: (كَسَرَ)، وفي نسخة أخرى: (تَكسَّر يومئذ بيده قوسان)، قال ابن قُرقُول: («شديدَ القِدِّ» بكسر القاف، و«يَكسِرُ» بفتح الياء «يومئذٍ قوسين أو ثلاثة» كأنَّه يشير إلى شدَّة وتَر القوس، ورواه الكافَّة: «راميًا شديدًا لقَدْ(4)، فَكَسَر(5) يومئذٍ قوسين أو ثلاثة) انتهى، وذكر في (الكافِ مع السين): (شديدًا لَقَدْ، فَكَسَر(6) يومئذٍ قوسين أو ثلاثةً) كذا للأصيليِّ وأبي ذرٍّ، وعند النسفيِّ وبعضهم: «يَكسِرُ» فعلُ مستقبلٍ قبله «لَقَدْ» حرف توقُّعٍ، وقيَّده عُبْدُوس: «لقد تَكَسَّر»(7)، وعند بعضِهم: «شديدَ القِدِّ» بسكون اللَّام وكسر القاف، ولعلَّه يريد: الوَتَر؛ لأنَّها كانت أوتارُهم من جِلدٍ، قال القاضي أبو الفضل: أقربُ الرِّوايات إلى الصواب ما لِلنَّسفيِّ، ويقربُ أيضًا تقييد الأصيليِّ على حذف ما يتمُّ به الكلام من رَمْيِه أو شَدِّه ونحو هذا، وفي بابٍ آخر: «شَدِيدَ(8) النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ) [خ¦4064]، وهو ظاهر المعنى، وإليه يُرَدُّ ما أَشْكَل)، انتهى، وفي «النِّهاية»: («شديد القِدِّ» إن رُوِي بالكسر؛ فيريد به: وَتَر القوس، وإن رُوِي بالفتح؛ فهو المدُّ والنزع في القوس)، انتهى.
          قوله: (مَعَهُ الْجَعْبَةُ): هي بفتح الجيم، وإسكان العين المهملة، ثمَّ موحَّدة، ثمَّ تاء التأنيث، معروفة.
          قوله: (انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ): (انثُر): همزة وصل، فإن ابتدأتَ بها؛ ضممتَها؛ لأجل ضمَّة الثاء، وفي نسخة: (انشُرها)، والأمر فيها كما ذكرته في (انثُر).
          قوله: (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي): تَقَدَّم الكلام على التفدية بالأب أو الأمِّ، أو بهما، وأنَّه جائز [خ¦979]، وسيأتي في (أُحُد) إن شاء الله تعالى [خ¦4054]. /
          قوله: (لَا تُشْرِفْ): هو بضمِّ أوَّله، وإسكان الشين المعجمة، وكسر الراء، رُباعيٌّ، كذا في أصلنا مجوَّدًا، وقال ابن قُرقُول: («لا تَشَرَّف يصيبك سهمٌ»؛ بفتح التاء والشين، وبشدِّ الراء، كذا قيَّده بعضُهم؛ أي: لا تَرفعْ لِتَنْظُر، وقيَّده بعضُهم: «تُشْرِف»، كما جاء في الحديث: «وتَشَرَّف النَّبيُّ صلعم يَنْظُر»).
          قوله: (يُصِبْكَ): هو بالجزم في أصلنا، وعليه (صح)، لكن مع إثبات الياء، وهذا غلطٌ؛ إثبات الياء، وفي خطِّ شيخنا أبي جعفر الأندلسيِّ بالضمِّ بالقلم، انتهى، وكذا لهم، وهو الصوابُ، وعند الأصيليِّ: (يصبْك)؛ بالجزم، قال القاضي: (وهو خطأٌ وقلبٌ للمعنى)، انتهى، وسيأتي في (أُحُد) إن شاء الله تعالى [خ¦4064].
          قوله: (وَأُمَّ سُلَيْمٍ): تَقَدَّم أنَّها بضمِّ السين، وفتح اللام، وتَقَدَّم بعض ترجمتها، والاختلاف في اسمها [خ¦130]، وهي أمُّ أنس، وزوج أبي طلحة.
          قوله: (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا): (الخَدَم) بفتح الخاء المعجمة، وفتح الدال المهملة، وبالميم؛ وهي الخلاخيل، وقد تَقَدَّم [خ¦2880]، وكان هذا قبل الحجاب، وسأذكر متى كان الحجاب [خ¦4790]، وقد مرَّ أيضًا [خ¦4790].
          قوله: (تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ): تَقَدَّم الكلام عليه في (كتاب الجهاد) في (باب غزو النساء وقتالهنَّ مع الرِّجال)؛ فاعلمه [خ¦2880].
          قوله: (مِنْ يَدَيْ): هو بإسكان الياء الأخيرة، وهذا ظاهرٌ جدًّا.
          قوله: (إِمَّا مَرَّتَيْنِ): (إمَّا)؛ بكسر الهمزة، وتشديد الميم، وهذا ظاهرٌ جدًّا.


[1] في (أ): (يحدب)، والمثبت من مصدره.
[2] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (شديد القِدِّ).
[3] كذا في (أ) و(ق)، وفي «اليونينيَّة»: (ثلاثًا).
[4] في (أ) مضبوطًا: (شديد القِدِّ)، وكذا في المطبوع من مصدره والمطبوع من «المشارق»، ولعلَّ المثبت هو الصواب؛ ليستقيم الكلام بالإتيان بالرواية الأخرى.
[5] كذا في (أ)، وهي رواية الأصيلي كما سيأتي، وسنذكر معنى هذه الرواية قريبًا، وفي المطبوع من مصدره: (يُكسِّر)، وفي المطبوع من «المشارق»: (تَكَسَّر).
[6] في (أ) مضبوطًا: (يَكْسِرُ) وفي المطبوع من مصدره: (تَكَسَّر)، والمثبت من مخطوط «المطالع» (ق/162▒، ومن «المشارق»، وهو موافق لما يأتي من توجيه القاضي لرواية الأصيلي بأنَّ فيها حذف ما يتمُّ به الكلام مِن رَمْيِه أو شَدِّهِ، فأصل الكلام: (شديدًا لقد رَمَى أو شدَّ فَكَسَر)، والله أعلم.
[7] كذا في (أ) وهو موافق لما في «المشارق» ومخطوط «المطالع» (ق/162▒، وفي المطبوع من «المطالع»: (كسر).
[8] في (أ): (شد)، والمثبت من مصدره.