التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث سويد بن النعمان: أنه خرج مع رسول الله عام خيبر

          209- قوله: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ(1)): هذا هو الأنصاريُّ، وهو يحيى بن سَعِيد بن قيس بن عَمرو الأنصاريُّ، أبو سعيد، قاضي السَّفَّاح، عن أنسٍ وابن المُسَيَّـِب، وعنه: مالكٌ والقطَّان، حافظٌ فقيهٌ، إمامٌ حجَّةٌ، تُوُفِّيَ سنة ░143هـ▒، أخرج له الجماعة، ذكره في «الميزان» تمييزًا.
          قوله: (عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ): (بُشَيْرِ): بضمِّ الموحَّدة، وفتح الشِّين المعجمة؛ مُصَغَّر، و(يَسَارٍ): بالمثنَّاة تحتُ، ثُمَّ سين مهملة، روى عن أبي بردة بن نِيَار(2)، ورافع بن خديج، وعدَّةٍ، وعنه: يحيى بن سعيد، وابن إسحاق، وجماعةٌ، أخرج له الجماعة، وثَّقه ابن معين، وقال ابن سعد: (كان شيخًا كبيرًا فقيهًا، قد أدرك عامَّة الصَّحابة).
          قوله: (عَامَ خَيْبَرَ): كانت خيبر في السَّنة السَّابعة، وقيل: آخر السَّادسة، قال مالك: في السَّادسة، وقال الجمهور: في السَّابعة، وقطع ابن حزم: بأنَّها كانت في السَّادسة بلا شكٍّ، انتهى، ولعلَّ الخلاف مبنيٌّ على أوَّل التَّأريخ؛ هل هو من شهر ربيع الأوَّل شهر مَقدَمه عليه الصَّلاة والسَّلام المدينةَ أو من أوَّل المحرَّم من أوَّل السَّنة؟ وللناس طريقان، والجمهور على أنَّ التَّأريخ وقع من المحرَّم، وابن حزم يرى أنَّه في شهر ربيع الأوَّل حين قدم عليه الصَّلاة والسَّلام، وستأتي المسألة في (خيبر) [خ¦64/38-6129] والاختلاف في أوَّل التَّأريخ من أيِّ وقت أرَّخوا إن شاء الله تَعَالَى في مكانه [خ¦3934].
          قوله: (بِالصَّهْبَاءِ): هي _بفتح الصَّاد المهملة، ثُمَّ هاء ساكنة، ثُمَّ موحَّدة، وفي آخره همزة ممدودة_ على روحة من خيبر.
          قوله: (بِالسَّوِيقِ): هو قمح أو شعير يُقْلى، ثُمَّ يُطْحَن فيُتزوَّد به، ويُستفُّ بماء يُثرَى به، أو بسمن، أو بعسل(3) وسمن، قال ابن دريد: (بنو العنبر يقولونه بالصَّاد).
          قوله: (فَثُرِّيَ): هو مبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله، مشدَّد، قال الدِّمياطيُّ: (ثرَّيتُ السَّويقَ؛ إذا بلَلْتَه، والموضعَ أيضًا: رشَشْته) انتهى، وكذا قال غيره ممَّن تقدَّم، ولكنِّي قصدي المحافظة على ذكر حواشيه، والله أعلم، وعنِ القرطبيِّ أنَّه قال(4): (قيَّدناه بتشديد الرَّاء وتخفيفها).
          قوله: (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ): تقدَّم الكلام عليه أعلاه [خ¦4/50-352]، وقبل ذلك أيضًا [خ¦138].
          فائدة: مقصود البخاريِّ ☼ بالبابين المتقدِّمين: ترك الوضوء ممَّا مسَّت النَّار، وقد صحَّت أحاديث بالوضوء مِنْهُ، وهي عند جمهورَي(5) الصَّحابة والتَّابعين منسوخة، وبذلك قال الأئمَّة الأربعة، وعدم الوضوء هو آخر الأمْرَين، وقد كان فيه خلافٌ لبعضهم في الصَّدر الأوَّل، ثُمَّ وقع الإجماع على خلافه، وحمل بعضهم الوضوء على اللُّغويِّ؛ وهو غسل الفم والكفَّين دون الشَّرعيِّ.
          ثانيةٌ: صحَّ الأمر بالوضوء من لحم الإبل من حديث البراء وجَابِر بن سمرة ♥، وقال به أحمد وجماعة أهل الحديث، وهو قول الشَّافعيِّ في القديم، واختاره من أصحابه من المتأخِّرين النَّوويُّ، وهو مختارٌ، وعامَّة الفقهاء على خلافه، وأنَّ المراد به النَّظافة ونفي الزهومة، والله أعلم.


[1] في (ج): (سعد) في الموضعين، وهو تصحيف.
[2] في (ب): (ساد)، وفي (ج): (سار)، وكلاهما تحريف.
[3] زيد في (ب): (مشدد)، وهو سبق نظر.
[4] زيد في (ج): (فيه).
[5] في (ب) و(ج): (جمهور).