التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب ما جاء في الوضوء

          قَوْلُهُ: (مَرَّةً مرَّةً): هما منصوبان في أصلنا المُشار إليه، وقد رأيت بخطِّ شيخنا الأستاذ أبي جعفر أحمد ابن مالك الرُّعَينيِّ الأندلسيِّ الغرناطيِّ في حاشية نسخته بخطِّه بـ«صحيح(1) البخاريِّ»: (أنَّ «مرَّةً مرَّةً» ظرفٌ في موضع الخبر) انتهى(2)، والذي يظهر رفعهما خبر (أنَّ)، أو نصبهما(3) حالًا؛ كقراءة عليِّ بن أبي طالب _وقرأ بها ابن مُحَيصِنٍ_: ▬وَنَحْنُ عُصْبَةً↨(4)، وفي كلام بعضهم في توجيه النصب: أنَّه خبرٌ على لغة، كذا قال، (وهي لغة نصب الجزأين، [قال الشاعر]: [من الطويل]
.....................                     ...... إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدًا)(5)
          قوله: (وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الإِسْرَافَ فِيهِ...) إلى آخره: هذا إشارة إلى نقل إجماع على منع الزيادة على الثلاث، وحاصل ما ذكره أصحاب الشافعيِّ في المسألة ثلاثة أوجه؛ أصحُّها: الزيادة على الثلاث مكروهة كراهة تنزيه، وهو معنى قول الشافعيِّ: (لا أحبُّ الزيادة عليها، فإن زاد؛ لم أكرهه إن شاء الله)؛ أي لم أُحرِّمه، ثانيها: خلاف الأَولى، ثالثها: أنَّه حرام، قال شيخنا الشَّارح: (وأبعدَ بعض الناس فقالوا: إذا زاد على الثلاث؛ يبطل وضوءُه، كما لو زاد في الصَّلاة، حكاه الدَّارميُّ في «استذكاره»، وهو خطأٌ ظاهرٌ، وخلاف ما عليه العلماء) انتهى، وقال النوويُّ: (وهذا خطأ ظاهر) انتهى.


[1] في (ج): (لصحيح).
[2] (انتهى): سقطت من(ب).
[3] (نصبهما): ليس في (ب) و(ج).
[4] انظر «القراءات الشاذة» (ص62▒، «إملاء ما منَّ به الرحمن» (ص346▒، «البحر المحيط» ░6/242▒، قال ابن خالويه: (رواها النزَّال بن سبرة عن علي ☺)، ثم نقل عن ابن مجاهد نفيه أن يكون سيدنا علي قرأ بها، قال في «الدر المصون» ░6/442▒: (وقرأ أميرُ المؤمنين بنصبها حالًا، إلَّا أنَّه قليلٌ جدًّا؛ وذلك لأنَّ الحالَ لا تَسُدُّ مَسَدَّ الخبرِ إلَّا بشروطٍ ذكرَها النُّحاةُ)؛ وهي أن يكون المبتدأ إمَّا مصدرًا عاملًا في اسمٍ مُفَسِّرٍ لضميرِ ذي حالٍ لا يصحُّ كونُها خبرًا عنِ المبتدأِ المذكورِ؛ نحو: «ضَرْبي زيدًا قائمًا»، أو مضافًا إلى المَصْدَرِ المذكور؛ نحو: «أكثرُ شُرْبي السَّوِيْقَ مَلتُوتًا»، أو إلى مُؤَوَّلٍ بالمصدر المذكور؛ نحو: «أخْطَبُ مَا يَكُونُ الأَمِيرُ قَائِمًا»، قال ابن مالك في «ألفيته»:
وَقَبْلَ حَالٍ لَا يَكُونُ خَبَرَا
كَـ«ضَرْبِيَ الْعَبْدَ مُسِيئًا» وَأَتَمّ


عَنِ الَّذِي خَبَرُهُ قَدْ أُضْمِرَا
تَبْيِينِيَ الْحَقَّ مَنُوطًا بِالْحِكَمْ

[5] ما بين قوسين سقط من (ج)، والبيت بتمامه:
إِذَا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ


خُطَاكَ خِفَافًا إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدًا