التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج

          1593- قوله: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبِي): قال الجيَّانيُّ: (وقال _يعني: البخاري_ في كتاب «الحجِّ» [خ¦1593] و«النِّكاح» [خ¦5130]: «حَدَّثَنَا أحمد بن أبي عَمرو: حَدَّثَنَا أَبي: حَدَّثَنَا إبراهيم بن طهمان»، قال الحاكم أبو عبد الله، وأبو نصر، وغيرُهما: هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد، أبو عليٍّ السُّلَميُّ مولاهم، النَّيسابوريُّ، وكان أبوه على قضاء نيسابور...) إلى أنْ قال: (وهكذا نسبه ابن السَّكَن: أحمد بن حفص في «الجامع» أيضًا) انتهى، وكذا نسبه المِزِّيُّ في «أطرافه»، فقال: (عن أحمد، هو ابن حفص بن عبد الله) انتهى، يروي أحمدُ هذا عن أبيه، والحُسَين بن الوليد القرشيِّ، وجماعةٍ، ولم يرحل، وعنه: البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو حامد ابن الشرقيِّ، وأخوه عبد الله ابن الشرقيِّ، وأبو عوانة، ومسلمٌ في غير «الصَّحيح»، وخلقٌ، قال النَّسائيُّ: (صدوق، قليل الحديث)، تُوُفِّيَ في المُحرَّم سنة ░258هـ▒، أخرج له من السِّتَّة مَنْ أخذ عنه.
          وأمَّا أبوه حفص، فقاضي نيسابور، أبو عَمرو، وقيل: أبو سهل، عن يونسَ بنِ أبي إسحاقَ، ومِسْعَرٍ، وابنِ أبي ذئب، والثَّوريِّ، وإبراهيمَ بنِ طهمان فأكثر عنه، وعنه: ابنُه أحمدُ وآخرون، قال مُحَمَّد بن عَقيل: (كان قاضيًا بالأثر عشرين(1) سنةً، ولا يقضي بالرأي ألبتَّة)، وقال النَّسائيُّ وغيرُه: ليس به بأس، قال ابنُه: (تُوُفِّيَ في شعبان سنة «209هـ»)، أخرج له البخاريُّ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
          قوله: (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ): تقدَّم أعلاه أنَّه ابنُ طَهمان.
          قوله: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ): تقدَّم مرارًا أنَّه سعد بن مالك بن سنان الخُدْرِيُّ، الصحابيُّ، مشهورٌ.
          قوله: (لَيُحَجَّنَّ الْبَيْتُ وَلَيُعْتَمَرَنَّ(2)): (يُحجَنَّ) و(يُعتمرَنَّ): مبنيَّان لما لم يُسَمَّ فاعلهما، و(البيتُ): مرفوع نائب مناب الفاعل.
          قوله: (بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ): يُهمَزان ولا يُهمَزان، وقد قُرِئ بهما في السبع، وسيأتي الكلام فيهما وفي نسبهما [خ¦60/5-5141].
          قوله: (تَابَعَهُ أَبَانُ وَعِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ): الضَّمير في (تابعه) يعود على الحجَّاج بن حجَّاج، و(أبان) تقدَّم أنَّ الصَّحيحَ صرفُه، وهو أبان(3) بن يزيدَ العطَّار، وقد تقدَّم مُتَرجَمًا [خ¦44].
          وأمَّا (عِمران) فهو ابن دَاوَر فيما ظهر لي، فإنْ كان هو، فهو القطَّانُ، أبو العوَّام العمِّيُّ البصريُّ، أحدُ علمائها(4)، عنِ الحسنِ، وابنِ سيرين، وبكرٍ المزنيِّ، وقتادةَ، وأبي جمرة الضُّبَعِيِّ، ويحيى بن أبي كَثِير، وعنه: ابنُ مَهِديٍّ، وأبو داود، وأبو عليٍّ الحنفيُّ، وآخرون، قال يزيدُ بنُ زُرَيع: (كان حروريًّا، يرى السَّيفَ)، وقال أحمد: (أرجو أن يكون صالح الحديث)، وقال ابن مَعِين: (ليس بالقويِّ)، وقال أبو داود: (ضعيف، أفتى أيَّام إبراهيم بن عبد الله بن حسن بفتوى شديدةٍ فيها سفك دماء)، وقال النَّسائيُّ: (ضعيف)، له ترجمةٌ في «الميزان»، علَّق له البخاريُّ كما ترى، وأخرج له(5) الأربعة، والله أعلم.
          ومتابعة أبان وعمران عن قتادة ليست في شيء من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا.
          قوله: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ شُعْبَةَ): أمَّا (عبدُ الرَّحمن) فالذي ظهر لي أنَّه ابنُ مَهْديٍّ، الحافظ المشهور، و(شعبة): مشهورٌ جدًّا، حافظٌ جِهْبِذ، وتعليقُه ليس في شيءٍ من الكتب السِّتَّة إلَّا ما هنا، وقد رأيتُه في «مستدرك الحاكم» في (الفتن والملاحم)، وسنده: شعبة عن قتادة: سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدِّث عن أبي سعيد، عن النَّبيِّ صلعم: «لا تقوم السَّاعة حتَّى لا يُحَجَّ البيت»، أعلَّه الذَّهبيُّ في «تلخيص المستدرك»؛ ولهذا قال البخاريُّ في «صحيحه»: (وَالأَوَّلُ أَكْثَرُ)، ويشهد له ما في «مسند عبد بن حميد» في مسند أبي سعيد الخدريِّ مرفوعًا: «إنَّ النَّاس ليحجُّون ويعتمرون ويغرسون النخيل بعد خروج يأجوج ومأجوج»، في سنده: قتادة عن أبي سعيد، ولم يلقَه.
          قوله: (سَمِعَ قَتَادَةُ عَبْدَ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ أَبَا سَعِيدٍ): إنَّما صرَّح بسماع قتادةَ من(6) عبد الله؛ لأنَّ قتادةَ مُدلِّسٌ، وقد عنعن عن عبد الله، فبيَّن أنَّه سمع منه، وأمَّا عبدُ الله بن أبي عتبة مولى أنس، فلا نعلمه في المُدلِّسين، ولكن أراد البخاريُّ أن يمشي على شرطه في اللُّقيِّ والسَّماع، وأن يخرجَ مِن خلاف مَن خالف في العنعنة مطلقًا، والله أعلم.


[1] في (ب): (قاضيًا ثلاثًا وعشرين)، ولعلَّه تحريف.
[2] في (ب): (وليعمرن).
[3] زيد في (ب) و(ج): (هو)، وضُرِبَ عليه في (أ).
[4] في (ب): (الأعلام).
[5] (له): سقط من (ب).
[6] في (ب): (عن).