التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب فضل مكة وبنيانها

           (بَابُ فَضْلِ مكَّة وَبُنْيَانِهَا).... إلى (بَاب المَرِيْضِ يَطُوفُ رَاكِبًا)
          اعلم أنَّ مكَّة أفضل الأرض عند الشَّافعيَّة، خلافًا لمالك، حاشا موضع قبرِه عليه أفضلُ(1) الصَّلاةِ والسَّلامِ، فإنَّه أفضل بقاع الأرض، كما قاله عياض ☼، وهو ظاهر.
          [رأيت في «تاريخ المدينة المشرَّفة» للمطريِّ(2) بيتين وليسا له، وهما: [من الكامل]
جَزَمَ الجَمِيعُ بِأَنَّ خَيرَ الأَرْضِ مَا                     قَدْ حَاطَ(3) ذَاتَ المُصْطَفى وَحَوَاهَا
وَنَعَمْ لَقَدْ صَدَقُوا بسَاكِنهَا عَلَتْ                     كَالنَّفْسِ حِينَ زَكَتْ زَكَا مَأْوَاهَا]
          وقال المحبُّ الطَّبريُّ: (إنَّ بيت خديجة ♦ الذي بمكَّة أفضلُ موضع منها بعد المسجد الحرام).
          فائدة: لمكَّة أسماءٌ مذكورةٌ، وقد ذكرتُها في (كِتَاب العلم)، فانظرها إنْ أردتَها [خ¦104]، فإنِّي لم أرَهَا مجموعة كما ذكرتُها، والله أعلم.
          فائدة: يختصُّ حرم مكَّة باثني عشرَ حكمًا: تحريم الاصطيادِ وقطعِ الشَّجر، ولا يُنحَر عن(4) المحصر الهديُ، ولا يُفرَّق لحمُه والطَّعامُ الواجبُ إلَّا فيه، ولو نذر المشي إليه، لزمه، ولا يدخله إلَّا بإحرامٍ مُستَحبٍّ أو واجبٍ على الخلاف، ولا يتحلَّل إلَّا فيه إلَّا إذا كان مُحْصَرًا، ولو قَتَلَ فيه خطأ رميًا أو إصابةً، غُلِّظت الدِّية، ولا تُتملَّك لُقَطَتُه، ولا يَدخلُه كافرٌ ولا يُدفَن فيه، ولو شرط على دخوله مالًا فدخل؛ أُخِذَ منه، ولا يُعرَف فاسدٌ يُستحقُّ فيه المُسمَّى غير هذا، ولا يُحرِم أحد فيه بالعمرة وحدها، وقد تقدَّم ما قاله البخاريُّ في تبويبه وردُّه [خ¦25/7-2405]، ولا فديةَ على حاضِرٍ به بمتعةٍ ولا قرانٍ، ولا يجوز إخراج أحجاره وترابه إلى الحِلِّ، وإدخال أحجار الحلِّ أو ترابه إليه مكروه، وبالعبادات المختصَّة بالحجِّ.
          وتختصُّ الكعبة بأنَّها قبلة المسلمين من جميع الجهات، وبالحجِّ، والعمرة، والطَّواف، وتفضيل الصَّلاة بمئة ألف فيها وفي المسجد حولها، والمصلُّون يستديرون(5) حولها ويتقابلون(6) فيها حتى الإمام والمأموم، وكذلك الاستدبار، وبأنَّ إحياءها فرض كفاية، وبأن قاضي الحاجة يحرم عليه استقبالُها واستدبارُها بالصحراء، وهي أفضل البلاد خلا البقعة التي ضمَّت أعضاءه ╕، وقد تقدَّم هذا(7).
          قوله تعالى: ({وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ}): أي: مرجعًا لكلِّ عام، أو مجمعًا، أو موضع ثواب.
          قوله: ({وَأَمْناً}): أي: لمن استجار به.
          قوله: ({وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}): مقامه: مواقفه كلُّها، وقيل: عرفة ومزدلفة والجمار(8)، وقيل: كلُّ الحرم، وقيل: الحجر الذي قام عليه يَبني، وقد تقدَّم تفسير قوله تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ} من كلام الدِّمياطيِّ، فراجعه من (الصَّلاة) [خ¦8/30-656].
          قوله: ({مُصَلًّى}): أي: قِبلة، أو مَدْعًى، أو موضع صلاة.
          قوله: ({لِلطَّائِفِينَ}): أي: بالبيت أو الغرباء.
          قوله: ({وَالْعَاكِفِينَ}[البقرة:125]): أي: المقيمين أو الدَّائمين على الصَّلاة فيه.
          قوله: ({فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً}): أي: أرزقه في حياته.
          قوله: ({ثُمَّ أَضْطَرُّهُ}[البقرة:126]): أي: أُكرِهه وأُجبِره.
          قوله: ({وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا}[البقرة:128]): أي: عرِّفنا سُنَن حجِّنا ومعالمه، أو مذابحنا، وأصل المنسَك: الموضع المعتاد الذي يعتاده الرَّجل ويأْلَفه بخيرٍ أو شرٍّ، وسُمِّيت المناسك؛ لما يُتردَّد عليها، كالحجِّ وأعمال البرِّ، والنَّاسك؛ لتردُّده في عبادة ربِّه.


[1] (أفضل): ليس في (ب).
[2] (للمطري): سقط من (ب).
[3] في (ب): (أحاط).
[4] في (ب): (غير).
[5] في (ب): (مستديرون).
[6] في (ج): (ويتعالمون).
[7] في (ب): (أعلاه).
[8] (والجمار): سقط من (ب).