التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا

          1393- قوله: (عَنِ الأَعْمَشِ): تقدَّم مرارًا أنه سليمان بن مِهْران، أبو مُحَمَّد الكاهليُّ القارىء.
          قوله: (عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ): حديث مجاهد عن عائشة في «البخاريِّ» و«مسلم»، قال ابنُ مَعِين: لم يَسمَع منها، وفي «البخاريِّ» و«مسلم» ما يدلُّ على سماعه منها مِن رواية منصور عن مجاهد قال: (دخلتُ أنا وعروةُ بن الزُّبير المسجدَ؛ فإذا عبدُ الله بن عمر جالسٌ إلى حجرة عائشةَ والنَّاس يصلُّون الضُّحى...)؛ الحديث، وفيه: (وسمعنا استنانَ عائشة، فقال عروة: ألا تسمعين...) [خ¦1775] [خ¦1776]، ولهذا أخرجه البخاريُّ، ولو لم يكن عنده دالًّا على السَّماع؛ لَمَا أخرجه؛ لِمَا عُرِفَ من شرطه، وقد أخرج النَّسائيُّ في «سننه» من رواية موسى الجُهَنيِّ عن مجاهد، قال [موسى]: (أُتِي مجاهدٌ بقَدَح حَزَرْتُه ثمانية أرطال، فقال: حدَّثتني عائشةُ: أنَّ النَّبيَّ صلعم كان يغتسل بمثل هذا)، وهذا صريحٌ في سماعه منها، والله أعلم.
          قوله: (وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الأَعْمَشِ): هذه متابعةٌ؛ أي: تابع عبدُ الله هذا شعبةَ في روايته عن الأعمش، وكذا (وَمُحَمَّدُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ الأَعْمَشِ)، وقوله: (وَتَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَابْنُ عَرْعَرَةَ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ)؛ أي: تابع هؤلاء الثَّلاثةُ آدمَ في روايته هذا عن شعبة.
          أمَّا (عبد الله بن عبد القدُّوس)؛ فهو سعديٌّ رازيٌّ، يروي عن عبدِ الملك بن عُمَير، وجابرٍ الجُعْفيِّ، وعنه: عبَّاد الرَّواجِنيُّ وغيرُه، قال(1) ابنُ مَعِين: (رافضيٌّ، ليس بشيء)، وقال ابن عَديٍّ: (عامَّة ما يرويه في أهل البيت)، وقال النَّسائيُّ وغيرُه: (ليس بثقة)، وقال الدَّارقطنيُّ: (ضعيف)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا والتِّرمذيُّ، وله ترجمة في «الميزان».
          وأمَّا عليُّ بن الجَعْد؛ فهو جوهريٌّ حافظٌ، وعنه: البخاريُّ وأبو داود، وقد رأى الأعمش، وأعرض عنه مسلمٌ، وهو ثبتٌ، وقد قال: من قال: القرآن مخلوق؛ لم أعنِّفْه، مات في رجب سنة ░230 هـ▒ وله ستٌّ وتسعون سنة، أخرج له البخاريُّ وأبو داود، وقد سمع منه مسلم جملة، لكن لم يخرِّج له شيئًا في «صحيحه»، وهو أكبرُ شيخٍ لقيَه مسلمٌ، وقد وثَّقه، لكنَّه قال: (جهميٌّ)، له ترجمةٌ في «الميزان».
          وأمَّا محمَّد بن أنس؛ فهو عدويٌّ كوفيٌّ، ثمَّ دينوريٌّ، مولى عمر بن الخطَّاب، عن حُصَين، والأعمش، وسُهيل بن أبي صالح، وجماعةٍ، وعنه: إبراهيمُ بن موسى وعليُّ بن بَحْر، قال أبو حاتم: (صحيح الحديث)، أخرج له البخاريُّ تعليقًا وأبو داود.
          تنبيهٌ: لمَّا ذَكَرَ أبو عليِّ الغسَّانيُّ: (أنسًا وأتشًا) _الثَّاني؛ بالمثنَّاة فوق وشين معجمة(2)_؛ ذَكَرَ هذه المتابعةَ عن محمَّد بن أنس _يعني: بالنُّون والإهمال_ ثمَّ قال: (ومِنَ النَّاس من يصحِّف فيه _يعني: هذا المكان_ فيقول: محمَّد بن أتش)، انتهى؛ يعني: بالمثنَّاة فوق وبالشين المعجمة، والله أعلم، انتهى(3)
          قال ابن حِبَّان في «ثقاته»: (محمَّد بن الحسن بن أتش، من أهل اليمن، يروي عن النعمان بن الزُّبير، روى عنه: محمَّد بن رافع)، وفي «ابن ماكولا(4)»: (أبو عبد الله محمَّد بن الحسن بن أتش اليماني الصَّنعانيُّ الأبناويُّ، حدَّث عن سليمان بن وهب الأبناويِّ، وجعفر بن سليمان الضُّبَعيِّ، روى عنه: أحمد ابن حنبل، ونسبه إلى جدِّه، وروى عنه: أحمد بن صالح، ونوح(5) بن حَبيب، وغيرُهم، وأخوه: عليُّ بن الحسن بن أتش)، انتهى، ورأيته في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم فقال: (روى عن منذر بن النُّعمان، وعبد الرَّحمن والنُّعمان ابني الزُّبير، ورباح بن زيد، وسليمان بن وهب، وأبي بكر بن أبي سبرة، روى عنه: إبراهيم بن موسى، ونوح بن حبيب، وعليُّ بن صالح بن(6) وسيم، ومحمَّد بن رافع، وأبو زياد حمَّاد بن زاذان: سمعت أبي يقول ذلك)، قال ابن أبي حاتم: (روى عن همَّام بن مُنبِّه)، قال ابن أبي حاتم: (سألتُ أبا زُرعة عن محمَّد بن الحسن بن أتش، قال: ثقةٌ)، انتهى، فقول(7) ابن أبي حاتم: (روى عن همَّام بن مُنبِّه)، وهَّمه الذَّهبيُّ في «ميزانه» في ترجمة محمَّد هذا، فقال: (وهم ابنُ أبي حاتم فقال: إنَّه روى عن همَّام بنِ مُنبِّه، فسقط عليه رجل)، انتهى.
          وقد ذكره الذَّهبيُّ في «ميزانه»، ونقل توثيقَه عن أبي زُرعة، وأبي حاتم، ثمَّ قال: (وقال النَّسائيُّ: ليس بثقةٍ)، ثمَّ ذكر وهم ابن أبي حاتم في سقوط رجلٍ [عليه] بينه وبين همَّام، انتهى، ولم أرَ له ذكرًا في «رجال المسند» للحُسَينيِّ، وكأنَّه لم يحدِّث عنه أحمدُ في «المسند»، والله أعلم.
          وأمَّا محمَّد بن عَرْعَرة؛ فهو ابن عَرْعَرة بن البِرِنْد، فعن شعبةَ، وعُمرَ بنِ أبي زائدة، وطائفةٍ، وعنه: البخاريُّ، وبُنْدارٌ، والكجِّيُّ، تُوُفِّيَ سنة ░213هـ▒، أخرج له البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، قال أبو حاتم: (ثقة صدوق)، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس).
          وقوله: (وابن أبي عديٍّ): هو محمَّد بن إبراهيم بن أبي عديٍّ، أبو عمرو، بصريٌّ، عن حُمَيد الطويل وطبقتِه، وعنه: أحمدُ بن سنان وجماعةٌ، ثقةٌ، تُوفِّي / سنة ░194هـ▒، أخرج له الجماعة.
          وعليُّ بن الجَعْد وابنُ عَرْعَرة من مشايخ البخاريِّ، والظاهر أنَّ قول البخاريِّ(8): (تابعه فلان وفلان)، ويكون المُسندة إليه المتابعةُ شيخَه _كهذين_؛ هو كقوله: (قال فلان) و: (زاد فلان)؛ إذا كان شيخه؛ فهو متَّصل، وقد تقدَّم الكلام على (قال لي _أو لنا(9)_ فلانٌ)، و(قال فلان) إذا كان المُسنَدُ إليه القولُ(10) شيخَه [خ¦142]، وهذا مثلُه فيما يظهر، والله أعلم.
          ومتابعة عليِّ بن الجَعْد: الضمير في (تابعه) يرجع(11) إلى آدم، وقد رواها البخاريُّ في (الرِّقاق) عن عليٍّ هذا، عن شعبة(12) [خ¦6516]، وأبو نُعَيم عن أبي أحمد، عن المنيعيِّ، عن عليِّ بن الجعد، والإسماعيليُّ عن أبي جعفر الخَلَنْجِيِّ(13) عن عليِّ بن الجعد(14).


[1] في (ج): (وقال)، وانظر «الكامل في الضعفاء» ░4/197▒ ░1008▒.
[2] في (ج): (والشين المعجمة).
[3] في (ج): (انتهى والله أعلم).
[4] في (ج): (ماكولاء).
[5] في (ب): (روح)، وهو تحريف.
[6] (بن): سقط من (ب) و(ج).
[7] في (ب): (يقول).
[8] زيد في (ب): (في).
[9] في (ب): (كذا)، وهو تحريف.
[10] (القول): سقطت في (ب).
[11] في (ب): (يرفع).
[12] في (ب): (عمَّن تبعه)، وهو خرم في (أ).
[13] في (ب): (الحليمي)، وفي (ج): (الحلبي).
[14] زيد في (ب) و(ج): (قوله)، وانظر «التوضيح» ░10/204▒.