التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث: أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟

          1347- 1348- قوله: (حَدَّثَنَا ابْنُ مُقَاتِلٍ): هو مُحَمَّد بن مقاتل، وكذا هو في نسخة في هامش أصلنا، وهو مُحَمَّد بن مقاتل أبو الحسن، تقدَّم مُتَرْجَمًا [خ¦65].
          قوله: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ): هذا هو ابنُ المبارك، العالمُ المشهورُ، شيخُ خراسان.
          قوله: (وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ): هو مَبنيٌّ للفاعل، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ): قائل ذلك هو ابن المبارك، قاله الدِّمياطيُّ، و(الأوزاعيُّ): هو عبد الرَّحمن بن عَمرو، أبو عَمرٍو، تقدَّم مرارًا، ومرَّةً مُتَرْجَمًا [خ¦78]، وهو شيخُ الإسلام، كيف وقد أفتى في سبعين ألفَ مسألةٍ؟! وقوله فيه: (وأخبرنا الأوزاعيُّ)؛ يعني: أنَّ مُحَمَّدَ بن مقاتل حدَّث البخاريَّ به عن عبد الله _هو ابن المبارك_ عن الأوزاعيِّ، عن ابن شهاب، عن جابر به.
          واعلم أنَّ روايةَ الزُّهريِّ عن جابرٍ مُرسَلَةٌ؛ لأنَّه لم يسمع منه، ولهذا عقَّبه البخاريُّ بقوله: (وَقَالَ سُلَيمَانُ بْنُ كَثِيرٍ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا).
          و(سليمان بن كَثِير): عبديٌّ، وهو أخو مُحَمَّد بن كثير، عن الزُّهريِّ وعَمرِو بن دينار، وعنه: أخوه مُحَمَّدٌ وعفَّان، صُوَيلحٌ، ضعَّفه ابن مَعِين، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس إلَّا في الزُّهريِّ)، أخرج له الجماعة، وله ترجمةٌ في «الميزان»، وقد صحَّح عليه.
          والظَّاهر أنَّ المبهمَ في حديثِ سليمانَ هو عبدُ الرَّحمن بن كعب بن مالك، والله أعلم، وسيأتي كذلك في (باب اللَّحد والشَّقِّ في القبر) [خ¦1353].
          فائدةٌ: اعلم أنَّ الزُّهريَّ لم يسمع جابرًا، نصَّ عليه غيرُ واحد، والزُّهريُّ لقي ثلاثةَ عشرَ صحابيًّا فأكثر، وإن كان ابنُ الصَّلاح قال في «علومه»: (إنَّه لم يلق منهم إلَّا الواحد والاثنين)، كذا قال في «علومه»، ثمَّ استدرك على نفسه في(1) حاشية: (الواحد والاثنين؛ كالمثال في قلَّة ذلك، وإلَّا؛ فالزُّهريُّ، قد قيل: إنَّه رأى عشرةً من الصَّحابة...) إلى آخر كلامه، وهذا أخذه من ابن حِبَّان في «ثقاته»، فإنَّه قال ذلك في ترجمة الزُّهريِّ، انتهى، والذين(2) لقي من الصَّحابة: عبد الله بن عُمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وربيعة بن عِبَاد _بكسر العين، وتخفيف المُوَحَّدة_، وسُنَين أبو جميلة، والسائب بن يزيد، وأبو الطُّفيل عامر بن / واثلة، والمِسْوَر بن مَخْرَمة، وعبد الرَّحمن بن أزهر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، ومحمود بن الربيع، وسمع منهم كلِّهم إلَّا عبد الله بن جعفر، فرآه رؤيةً، وإلَّا عبد الله بن عمر؛ فقد قال أحمدُ ابن حنبل وابنُ مَعِين: (إنَّه لم يسمع منه)، وقال ابن المدينيِّ: (إنَّه سمع منه)، وقال ابن حزم: (إنَّه لم يسمع من عبد الرَّحمن بن أزهر)، وقيل: إنَّه سمع من جابر بن عبد الله، وقال المِزِّيُّ في «أطرافه»: (إنَّه لم يسمع منه) انتهى، وقد روى عن عبد الله بن أبي حدرد، قال ابنُ عبد البَرِّ: (ولا يصحُّ له سماع عنه) انتهى، وسمع من جماعةٍ آخرين مُختلَف في صحبتهم؛ منهم: محمود بن لَبِيد، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وثعلبة بن أبي مالك القرظيُّ، وأبو(3) أمامة بن سهل بن حُنَيف، والله أعلم، وقال الذَّهبيُّ في «تجريده»: (إسماعيل بن أبي حَكِيم، عنه: الزُّهريُّ إن صحَّ، قال(4) ابن منده: لا أعرف له صحبةً) انتهى.
          ورأيت عن شيخنا العلَّامة الحافظ سراج الدِّين البلقينيِّ في حاشية بِخَطٍّ مجهولٍ: (أنَّ الزُّهريَّ سمع من مسعود بن الحكم، وعبد الله بن الزُّبير، والحسن، والحسين، وأمِّ عبد الله الدَّوسيَّة، وأبي رُهم، ومروانَ، وغانم بن عبَّاس) انتهى، ولم أرَ أنا ذلك في «الجرح والتَّعديل» لابن أبي حاتم، فإنَّ في الحاشية عزوَ ذلك لابن أبي حاتم، والذي رأيته في «الجرح والتعديل» في ترجمة الزُّهريِّ: أنَّه روى عن أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي الطُّفيل، والسَّائب بن يزيد، وعبد الله بن ثعلبة، ومحمود بن الربيع، وعبد الرَّحمن بن أزهر، ورأى ابن عمر، انتهى.
          واعلم أنَّ الزُّهريَّ وُلِد سنة ░50هـ▒، وقيل: سنة ░51هـ▒، وقيل: ░56هـ▒، وقيل: سنة ░58هـ▒، والحسن ☺ تُوُفِّيَ سنة ░49هـ▒، وقيل: سنة ░50هـ▒، وقيل: سنة ░51هـ▒، والحسين ☺ تُوُفِّيَ يوم عاشوراء سنة ░61هـ▒، ومسعود بن الحكم الصَّحيحُ: أنَّه تابعيٌّ، ولكن وُلِد في عهده ╕، وأمُّ عبدِ الله الدَّوسيَّة أدركته ╕، ولكن قال الذَّهبيُّ: (أظنُّها تابعيَّة)، وأبو رُهم قال الذَّهبيُّ: (روى الزُّهريُّ عن ابن أخيه عنه)، وأمَّا مروان؛ فتابعيٌّ كما تقدَّم غيرَ مَرَّةٍ، وقد وُلِد في عهده ╕ ولم يرَه [خ¦189]، وأمَّا غانم بن عبَّاس؛ فلا أعرفه إلَّا أن يكون تمَّام بن عبَّاس، وهو الظَّاهر، وذاك تصحيف.
          وقد قال الذَّهبيُّ: (روى عنِ ابن عمر، فيقال: سمع منه حديثَين، وسهلِ بن سعد، وأنس، وربيعة بن عِبَاد، والسائب بن يزيد، ومحمود بن الربيع، وابن لَبِيد، وأبي الطُّفيل، وأرسل عن أبي هريرة، وأبي سعيد، ورافع بن خَدِيج، وجابر)، انتهى، والله أعلم.
          [فائدةٌ: قد أرسل الزُّهريُّ عن أبي هريرة، وجابر، وأبي سعيد الخدريِّ، ورافع بن خَدِيج، وقال أحمدُ وابنُ مَعِين: (لم يسمع من ابن عمر)، وقال ابن المدينيِّ: (سمع منه حديثَين)، ولم يسمع من عبد الرَّحمن بن كعب بن مالك، قاله أحمد بن صالح المصريُّ، والذي روى عنه: هو عبد الرَّحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وقال أحمد: (لم يسمع من عبد الرَّحمن بن أزهر)، وقال الدَّارقطنيُّ: (لم يسمع من أمِّ عبد الله الدَّوسيَّة)، ولم يسمع من أبان بن عثمان شيئًا، ولم يثبت له السماعُ من المِسور بن مَخرَمة، ولم يُدرِك عاصمَ بن عمر بن الخطَّاب، ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه، ولا يروي عن عطاء بن أبي ميمونة، قاله ابن أبي حاتم عن أبيه، ولا سمع من أبي سلمة عن عائشة: «لا نذر في معصية، وكفَّارته كفَّارة يمينٍ»، قاله(5) التِّرمذيُّ، وقد روى الزُّهريُّ عن عمر بن سعد عن أبيه رفعه: «مَن يُرِد هوانَ قريشٍ...»؛ الحديث)، قال ابن معين: (هذا خطأٌ، ما روى الزُّهريُّ عن عمر بن سعد قطُّ).
          وقد روى الزُّهريُّ في «مسلم» عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطَّلب، قال أبو عبيدٍ الآجريُّ: (سألت أبا داود: سمع الزُّهريُّ من عبد الله بن الحارث بن نوفل؟ قال: لا، سمع من ابنَيه؛ عبدِ الله، وعُبَيدِ الله)، وفي «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ في ترجمة عبد الله بن أبي حدرد: (أنَّه لا يصحُّ سماع الزُّهريِّ منه)]
.
          قوله: (قَالَ جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ): قال الدِّمياطيُّ: (لم يكن لجابرٍ عمٌّ أخو أبيه، وإنَّما هو عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة، وكانت هند بنت عَمرو بن حرام عمَّةَ جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن غَنْم بن كعب بن غَنْم بن كعب بن سَلِمة) انتهى، ولعلَّه سقط منه بعد (هند بنت عمرو بن(6) حرام): (زوجته)، وبه يستقيم الكلام؛ يعني: أنَّ هندًا زوجةُ عَمرو بن الجموح، فهما صهران، وقال ابن سعد: (قال رسول الله صلعم: ادفنوا عبدَ الله بنَ عمرو، وعمرَو بنَ الجموح في قبرٍ واحدٍ؛ لما كان بينهما من الصَّفاء)، قال: (فحُفِرَ عنهما وعليهما نمرتان، وعبد الله قد أصابه جرح في وجهه فيَدُهُ على جرحه، فأُميطَت يده عن جرحه، فانبعث الدَّمُ، فرُدَّتْ يده إلى مكانها، فسكن الدَّمُ)، وسيأتي قريبًا متى حُفِرَ عنهما، وانبعث دمُ أحدهما؛ وهو عبد الله بن عمرو بن حرام [خ¦1351]، وسيأتي مدرك جابرٍ في الحَفْرِ عن أبيه [خ¦1352].
          قوله: (فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ): (النَّمِرة): شملة مُخطَّطة من صوف، قيل: فيها أمثال الأهلَّة.


[1] (في): ليس في (ب).
[2] في (ج): (والذي).
[3] في (أ) و(ب): (وأبي)، وليس بصحيح.
[4] في (ج): (وقال).
[5] في (أ) و(ب): (قال)، والمثبت مستفاد من «جامع التحصيل».
[6] (عمرو بن): ليس في (ب).