التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم

          ░16▒ بَابٌ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَوَاسِقُ
          3314- 3315- ذكر فيه حديث عَائِشَةَ وابنِ عمرَ ♥ في ذلك، وسلفا في الحَجِّ [خ¦1826] [خ¦1829].
          3316- وحديثَ جَابِرٍ ☺: (خَمِّرُوا الآنِيَةَ) وقد سلف في الباب قبله وغيرِه [خ¦3304].
          3317- وحديث ابن مسعودٍ ☺ في الحَيَّة وسلف في الحجِّ [خ¦1830]، وزاد البخاريُّ هنا تعليقًا عن حفصٍ أسنده البخاريُّ عن ولده عمر في الحجِّ عنه، وتعليقًا عن أبي معاوية أخرجه مسلمٌ عن يحيى بن يحيى وغيره عنه قال ابن مسعودٍ: نزلتْ {وَالْمُرْسَلَاتِ} على رسول الله صلعم ليلة الجنِّ، ونحن معه نسير حتَّى أَوينا إلى غارٍ بمنًى فنزلت.
          وقوله: (لَنَتَلَقَّاهَا رَطْبَةً مِنْ فِيهِ) أي: مستطابةً سهلةً كالثَّمرة الرَّطْبة السَّهلةِ الجَنا، وقيل: معنى (لَنَتَلقَّاهَا) لنسمعُها منهُ لأوَّل نزولها كالشَّيء الرَّطْب في أوَّل أحواله، وبه جزم ابن التِّين، والأوَّل أوقعُ تشبيهًا، ويدُلُّ عليه قوله ◙ في الخوارج: ((يقرؤون القرآن رطبًا لا يجاوز حناجرهم)) أي: يستطيبون تلاوته ولا يفهمون معانيَه.
          وقوله: (وُقِيَتْ شَرَّكُمْ) أي: قَتْلَكم إيَّاها فإنَّهُ شرٌّ بالنِّسبة إليها، وإن كان خيرًا بالنِّسبة إلينا.
          وفيه دِلالةٌ على صحَّة قول مَنْ قال باستصحاب الحال في أصل الضَّرر في أنواع الحيَّات.
          وفيه دِلالةٌ على قتل الحيَّة في الحرم، والجُحر: الكهف.
          فصلٌ: في حديث جابرٍ ☺: (أَوْكُوا الأَسْقِيَةَ): أي: شدُّوها بالوِكاء وهو الخيط، (وأَجِيفُوا الأَبْوَابَ): أي: أغلقوها، يُقال: جفأت الباب: أغلقته، ذكره القزَّاز، وهذا خلاف رواية البخاريِّ لأنَّ (أَجِيفُوا) لامُه فاءٌ، وجفأت لامُه همزةٌ، قال ابن التِّين: وما رأيت أحدًا مِنْ أهل اللُّغة ذكر هذه الكلمةَ غير القزَّاز.
          وقوله: (وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ) أي: ضمُّوهم، ومنه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا} [المرسلات:25] أي: يمشون على ظهرها أحياء، وإذا ماتوا ضمَّتهم، وكلُّ مَنْ ضمَّ شيئًا فقد كَفَتَهُ، وهو بكسر الفاء، وهو ما في ابن فارسٍ، قال ابن التِّين: والأكثر الضَّمُّ، و(الفُوَيْسِقَةَ): الفأرة.
          فصلٌ: ذكر فيه أيضًا حديث ابن عُمَرَ وأبي هريرة ♥:
          3318- (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ).
          وقد سلف في الشَّرب مِن حديث ابن عمر [خ¦2365]، وهو دليلٌ على جواز اتِّخاذها ومنع تضييعها وأنَّه مِنَ الكبائر، ذكره الدَّاوُديُّ، وفيه: جواز رِباطها إذا أُطعمت.
          والخشَاش _مثلَّث الخاء وقال ابن التِّين هو بالفتح_: دوابُّها، وعند ابن عُيَينة بكسرها، إلَّا الخَشاشَ مِنْ صغار الطَّير، فهو وحده بالفتح.
          فصلٌ: ساق البخاريُّ هنا حديث الهرَّة مِنْ طريق ابن عمر وأبي هريرة، وسلف طريقُ أسماء في باب: ما يقرأ بعد التَّكبيرة [خ¦745]، وسلف طريقُ ابن عمر في الشَّرب كما أسلفناه.
          وفي روايةٍ للبخاريِّ في حديث ابن عمر: ((حتَّى ماتت جوعًا فدخلت فيها النَّار)).
          وانفرد مسلمٌ مِنْ حديث جابرٍ، ذكره في الكسوف، ولفظه: ((وعُرضت عليَّ النَّارُ فرأيت امرأةً مِنْ بني إسرائيل تُعذَّب في هرَّة لها...)) الحديث، وفي أخرى له: ((رأيت في النَّار امرأةً حِمْيَريَّة سوداءَ طويلةً)) ولم يقل: مِنْ بني إسرائيل، وأخرجه ابن حبَّان في «صحيحه» مِنْ حديث عبد الله بن عمرٍو وعُقبة بن عامرٍ.
          فصلٌ: هذه المرأةُ يجوز أن تكون كافرةً، لكنَّ ظاهرَ الحديث إسلامُها، وعُذِّبت على إصرارها على ذلك، وليس في الحديث تخليدُها، نعم روى الحافظ أبو نُعيمٍ في «تاريخ أصبهان» أنَّها كانت كافرةً، وكذلك البَيْهقيُّ في «البعث والنُّشور» عن عائشة، فيكون مِنْ جملة استحقاقها النَّارَ حبسُ الهرَّة، وأبداه القاضي احتمالًا، وأنكره النَّوويُّ، فاستفدْه.
          فصلٌ: ذكر فيه أيضًا حديث أَبي هُرَيْرَةَ في قَتلِ النَّمل، وفيه:
          3319- (فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً): وقد سلف في أثناء الجهاد [خ¦3019].
          وفيه أنَّه لم يَعِبْ عليه قتلَ الَّتي لدغتْهُ، وكَره مالكٌ قتلَه لِمَنْ آذاه، وقيل: إنَّما يقتلها مَنْ كان قاطنًا غيرَ مسافرٍ وعسُر عليه الانتقال، ولم يجد ما يزيله به فيقتلها حينئذٍ بغير النَّار.