التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من لم ير عليه صومًا إذا اعتكف

          ░15▒ بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ إِذَا اعْتَكَفَ صَوْمًا
          2042- سَلَفَ، وكَذَا البَابُ بعدَه، واحتَجَّ بِهِ مَنْ أَجَازَ الاعتكافَ بغيرِ صَومٍ كَمَا سَلَفَ، وقَدْ سَلَفَ الخُلْفُ فِيْهِ وَاضِحًا، واحتَجَّ مالكٌ فِي «المُوَطَّأِ» بقولِ القَاسِمِ ونَافِعٍ قَالَا: لَا اعتِكَافَ إلَّا بصَومٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} الآية [البقرة:187] إِلَى قولِه: {فِي المَسَاجِدِ} [البقرة:187]، فإنَّما ذَكَرَ اللهُ الاعتِكَافَ مَعَ الصِّيَامِ، قَالَ مَالِكٌ: وعَلَى ذَلِكَ الأمرِ عندَنا احتَجَّ مَنْ لم يُوجِبْهُ بأنَّه لو كَانَ كَذَلِكَ لم يَكُنْ لنَهيِهِ تَعَالَى عَنِ المُبَاشَرةِ مِنْ أجلِ الاعتِكَافِ مَعنًى، وأُجِيبَ بأنَّ اللهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الوَطْءَ فِي أوَّلِ الآيةِ وعَلَّقَ حَظْرَهُ بالصَّوْمِ فِي النَّهَارِ عَطَفَ عَلَيْهِ حُكْمَ الاعتِكَافِ، وذَكَرَ حَظْرَ الوَطْءِ مَعَهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَصِحُّ فِي وقتٍ لَا يَصِحُّ فِيْهِ الصَّومُ وهُوَ زَمَنِ اللَّيلِ، ولو وَطِئ ليلًا فَسَدَ اعتِكَافُهُ.
          فَهَذَا فائدةُ ذِكْرِهِ للوَطْءِ بعدَ تَقَدُّمِ ذِكْرِهِ، وأمَّا احتِجَاجُهُمْ بحديثِ عُمَرَ فيَجُوزُ أنْ يُرَادَ باللَّيلَةِ مَعَ يَومِهَا كَمَا سَلَفَ هُنَاكَ.