التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب اعتكاف المستحاضة

          ░10▒ بَابُ اعْتِكَافِ المُسْتَحَاضَةِ
          2037- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيْثَ عَائِشَةَ: (اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلعم امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي).
          هُوَ ظَاهِرٌ فِيْمَا تَرْجَمَ لَهُ، وهُوَ اعتِكَافُ المستحاضةِ وهُوَ إجماعٌ، وظَاهِرُهُ أنَّها دَخَلَتْ بعدَ استحاضتِها، واستَنبَطَ بعضُهم كَونَ النَّجَاسَةِ فِي المسجدِ للضَّرُورَةِ وهُوَ مَاشٍ إنْ كَانَتِ الاستحاضةُ حَدَثَتْ بعدُ.
          قَالَ الدَّاوُدِيُّ: وَضْعُ الطَّسْتِ تَحْتَهَا لَا يمكنُ فِي حَالِ القِيَامِ وذَكَرَتْ ذَلِكَ ليُؤخَذَ بِهِ، و(الطَّسْتَ) مُؤَنَّثَةٌ، وسِينُهُ مهملةٌ وتعجمُ أَيْضًا.
          وفِيْهِ: اعتِكَافُ المرأةِ مَعَ زَوجِهَا إِذَا كَانَ لَهَا موضعٌ تستترُ فِيْهِ، واخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي المُعْتَكِفَةِ تَحِيضُ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ ورَبِيْعَةُ ومَالكٌ والأَوْزَاعِيُّ وأَبُو حَنِيْفَةَ والشَّافِعِيُّ: تخرجُ إِلَى دَارِهَا، فَإِذَا رَجَعَتْ بَنَتْ، وقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: تَضْرِبُ خِبَاءَهَا عَلَى بابِ المسجدِ إِذَا حَاضَتْ.
          فَائِدَةٌ: هَذِهِ المعتكفةُ سَوْدَةُ، وفي «المُوَطَّأِ»: أنَّ زَيْنَبَ بنتَ جَحْشٍ استُحِيضَتْ وكَانَتْ تَحتَ ابنِ عَوْفٍ، وهُوَ وَهْمٌ، إنَّما كَانَتْ تَحتَ زَيدِ بنِ حَارِثَةَ، والمُستَحَاضَةُ أختُها حَمْنَةُ، وأمُّ حَبِيبَةَ لَا هِيَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ المُنْذِرِيُّ، وذَكَرَ بعضُهم أنَّ بَنَاتِ جَحْشٍ الثَّلَاثَ اسمُهُنَّ زَيْنَبُ وأَنَّهنَّ استُحِضْنَ كُلُّهُنَّ واستُبعِدَ، وقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: مَا يُعْلَمُ فِي زَوْجَاتِهِ مستحاضةً، وكَأَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ بِقَوْلِهِا: (مِنْ نِسَائِهِ) أي: مِنَ النِّسَاء المُتَعَلِّقَاتِ بِهِ بسَبَبِ صِهَارَةٍ وشِبْهِهَا. قُلْتُ: هَذَا مَرْدُوْدٌ، فَقَدْ سَلَفَ فِي الطَّهَارَةِ أنَّها امرَأةٌ مِنْ أزواجِه [خ¦310]، وفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أنَّ بعضَ أُمَّهَاتَ المؤمنينَ اعتَكَفَتْ وهِيَ مستحاضةٌ [خ¦311].
          فَرْعٌ: يُكْرَهُ فِي المسجدِ الفَصْدُ والحِجَامَةُ فِي إناءٍ، والأَصَحُّ: أنَّه يَحْرُمُ بولٌ فِيْهِ فِي إناءٍ / لقُبْحِهِ، ولِهَذَا يَجُوزُ الفَصْدُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ بخِلَافِ البَوْلِ، قَالَ ابنُ قُدَامَةَ: الكُلُّ حَرَامٌ، وعَنِ ابنِ عَقِيلٍ: يَجُوزُ الفَصْدُ فِي طَسْتٍ كالمُستَحَاضَةِ، وفُرِّقَ بأنَّ المُستَحَاضَةَ لَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزُ إلَّا بتَرْكِ الاعتِكَافِ بخِلَافِ الفَصْدِ.