التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب آطام المدينة

          ░8▒ بَابُ: آطَامِ المَدِينَةِ.
          1878- ذَكر فيه حديثَ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ _صلعم_ عَلَى أُطُمٍ، مِنْ آطَامِ المَدِينَةِ، فَقَالَ: (هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى، إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ فِي خِلَالِ بُيُوْتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ) تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
          الشَّرح: متابعة مَعمَرٍ رواها البخاريُّ في الفتن عنْ محمودِ بنِ غَيْلانَ، عنْ عبد الرَّزَّاق، عن مَعمَرٍ به، ومتابعةُ سليمانَ رواها مسلمٌ عنْ عبدِ بنِ حُميدٍ، عنْ عبدِ الرَّزَّاق، عنْ سليمانَ عَنْه، و(سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ) العبديُّ البصريُّ، كان أكبرَ مِنْ أخيه محمَّدٍ بخمسين سنةً، كذا بخطِّ الدِّمياطيِّ الحافظ على أصله.
          و(الآطَام) _بالمدِّ والقصر_ القصور، نقله ابنُ التِّين عَنْ أبي عبد الملك، وقال ابنُ فارسٍ: (الأُطُمْ) الحصن، وجمعُه: (آطَامٌ)، زاد الخطَّابيُّ: المبنيُّ بالحجارة، وقيل: هو كلُّ بيتٍ مربَّعٍ مسطَّحٍ، حكاه ابنُ سِيْدَهْ، والجمع القليل مِنْ كلِّ ذلك: (آطَامٌ)، والكثيرُ: أُطُومٌ، وعَنِ ابنِ الأعرابيِّ: الأطومُ القصور، وقال الدَّاوُديُّ: المنازل، وقال الجوهريُّ: الواحدة أَطَمةٌ، مثل أَكَمةٍ.
          و(خِلَال) معناه بيْن، ومُثِّلتِ الفتن الَّتي بعدَه فرآها عِيانًا، فأنذر بها قبل وقوعها، فالرُّؤية هنا العلم، وهذه إحدى علامات نبوَّتِه وهي الإخبار بالمغيَّبات، فكانت الفتن بعدَه (كالقَطْرِ) كما أخبر، وخبره الصَّادق المصدوق، وشبَّهها (بِمَوَاقِعِ القَطْرِ) لكثرتها وعمومها: كقتل عثمانَ، ويومِ الحرَّة.