شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب: لا يطرق أهله إذا بلغ المدينة

          ░16▒ باب: لا يَطْرُقُ الرَّجُلُ أَهْلَهُ
          فيه: جَابِر قَالَ: (نَهَى الرَّسُولُ صلعم أَنْ يَطْرُقَ أَهْلَهُ لَيْلا). [خ¦1801]
          قد جاء في الحديث بيان المعنى الذي من أجله نهى الرَّسول صلعم عن هذا، وهي لكي تمتشط الشَّعثة، وتستحدَّ المُغِيبة، كراهية أن يهجم منها على ما يقبح عنده اطلاعه عليه، فيكون سببًا إلى شنآنها وبغضها، فنبَّههم ◙ على ما تدوم به الألفة بينهم، ويتأكَّد به المحبَّة، فينبغي لمن أراد الأخذ بأدب نبيِّه أن يتجنَّب مباشرة أهله في حال البذاذة وغير النَّظافة، وألَّا يتعرَّض لرؤية عورة يكرهها منها، ألا ترى أنَّ الله تعالى أمر من لا يبلغ الحلم بالاستئذان قبل صلاة الفجر ووقت الظَّهيرة وبعد العشاء؛ لما كانت هذه أوقات التَّجرُّد والخلوة، خشية الاطِّلاع على العورات وما يكره النَّظر إليه، وروي عن ابن عبَّاسٍ أنَّه قال: آية لم يؤمن بها أكثر النَّاس؛ آية الإذن، وإنِّي لآمر جاريتي هذه أن تستأذن عليَّ.