شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب من اعتمر قبل الحج

          ░2▒ باب: مَنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ
          وقال: ابْنَ عُمَرَ: (لا بَأْسَ بالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ، اعْتَمَرَ الرَّسُولُ صلعم قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ). [خ¦1774]
          قال المؤلِّف: قول ابن عمر هذا يدلُّ أنَّ مذهبه أنَّ فرض الحجِّ قد كان نزل على النَّبيِّ صلعم قبل اعتماره، ولو اعتمر ◙ قبل نزول فرض الحجِّ ما صحَّ استدلال ابن عمر بهذا الكلام على جواز الاعتمار قبل الحجِّ، والذي يتفرَّع من هذا المعنى: هل فرض الحجِّ على الفور ولا يجوز تأخيره، أو هل فيه فسحة وسعة؟ والذي نزع فيه ابن عمر هو الصَّحيح في النَّظر، وهو الذي تعضده الأصول أنَّ في فرض الحجِّ سعة وفسحة؛ لأنَّ العمرة لم يَجْرِ لها ذكر في القرآن إلَّا والحجُّ مذكور معها، ولذلك قال ابن عبَّاسٍ: إنَّها لقرينتها في كتاب الله {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}[البقرة:196]ولو كان فرض الحجِّ على الفور لم يجز فسخه في عَمْرة، ولا أمر الرَّسول صلعم أصحابه بذلك، ولو كان وقته مضيَّقًا لوجب إذا أخَّره إلى سنة أخرى أن يكون قضاءً لا أداءً، فلمَّا ثبت أنَّه أداءٌ في أيِّ وقتٍ به، علم أنَّه ليس على الفور.
          وقد تقدَّم الكلام في هذا المعنى في باب لا يطوف بالبيت عريان، ولا يحجَّ مشركٌ، في الجزء الأوَّل من الحجِّ، [خ¦1622] وسيأتي شيء منه في قصَّة كعب بن عجرة حين آذاه هوامُّه وحلق رأسه بالحديبية إن شاء الله. [خ¦1814]