شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم

          ░3▒ باب: كَمِ اعْتَمَرَ النَّبيُّ ◙
          فيه: عُرْوَةُ: (أنَّهُ سَألَ ابْن عُمَرَ كَمِ اعْتَمَرَ الرَّسُولُ صلعم؟ قَالَ(1): أَرْبَعَ عُمَرٍ، إِحْدَاهُنَّ في رَجَبٍ). وَقَالَتْ عَائِشَةَ: (يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا اعْتَمَرَ عُمْرَةً إِلا وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ في رَجَبٍ قَطُّ). [خ¦1775] [خ¦1776]
          وفيه: أَنَسٌ: (اعْتَمَرَ النَّبيُّ صلعم أَرْبَعًا: عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ في ذي الْقَعْدَةِ، حَيْنَ صَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ، وَعُمْرَةٌ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ في ذي الْقَعْدَةِ، حَيْثُ(2) صَالَحَهُمْ، وَعُمْرَةُ الْجِعْرَانَةِ حَيْثُ قَسَمَ غَنِيمَةَ حُنَيْنٍ، قُلْتُ: كَمْ حَجَّ؟ قَالَ: وَاحِدَةً، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ. وقَالَ هَمَّام عَنهُ: اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ في ذي الْقَعْدَةِ إِلَّا التي اعْتَمَرَ في حَجَّتِهِ). [خ¦1778]
          قال الْبَرَاءُ: (اعْتَمَرَ النَّبيُّ صلعم ثَلَاثَ عَمْرٍ). [خ¦1781]
          والرَّابعة إنَّما تجوز نسبتها إليه؛ لأنَّه أمر النَّاس بها، وعُملت بحضرته، لا أنَّه ◙ اعتمرها بنفسه، ويدلُّ على صحَّة هذا القول أنَّ عائشة ردَّت على ابن عمر قوله: / وقالت: (ما اعتَمرَ في رَجبٍ قَطُّ). وأمَّا أنس فإنَّه لم يضبط المسألة ضبطًا جيِّدًا، وقد أنكر ذلك عليه(3) ابن عمر حين ذكر له أنَّ أنسًا حدَّث ((أنَّ النَّبيَّ صلعم أهلَ بعمرةٍ وحجٍّ))، فقال ابن عمر: ((أهلَّ النَّبيُّ صلعم وأَهللنا به)) ذكره البخاريُّ في المغازي، [خ¦4353] ففي ردِّ ابن عمر على أنسٍ أنَّ النَّبيَّ صلعم اعتمر مع حجَّته ردٌّ من ابن عمر على نفسه أيضًا، وقد جاء عن أنس نفسه خلاف قوله، وهو حديث مروان الأصفر عنه أنَّ النَّبيَّ صلعم قال لعليٍّ: ((لولا أنَّ معيَ الهديَ لأحللتُ)) ذكره في باب: من أهلَّ في زمن النَّبيِّ صلعم كإهلال النَّبيِّ. [خ¦1558] فامتناعه ◙ من الإحلال لأجل الهدي يدلُّ أنَّه كان مفردًا للحجِّ؛ لأنَّه اعتذر عن الفسخ فيه بالهدي، ولو كان قارنًا ما جاز أن يعتذر لاستحالة الفسخ على القارن، فكيف يجوز أن ينسب إليه ◙ أنَّه اعتمر مع حجَّته إلَّا على معنى أنَّه أمر بذلك من لم يكن معه هدي؟ ! هذا ما لا ريب فيه ولا شكَّ، وروى عبد الرَّزَّاق، عن عمر بن ذرٍّ، عن مجاهدٍ، أنَّه قال: ((اعتمرَ النَّبي صلعم ثلاثًا، كلَّهنَّ في ذي القَعدَةِ)) وعن معمرٍ، عن هشام بن عروة قال: ((اعتمر النَّبيُّ صلعم ثلاثًا)).


[1] قوله: ((فيه: عُرْوَة: أنَّه سأل ابْن عُمَرَ كَمِ اعْتَمَرَ الرسول؟ قَالَ)) ليس في (ص) والمثبت من المطبوع.
[2] في (ص): ((وحيث)) والمثبت من المطبوع.
[3] في (ص): ((على)) والمثبت من المطبوع.