عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: أرأيت اسم الأنصار كنتم تسمون به أم سماكم الله؟
  
              

          3776- (ص) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ: حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أَرَأَيْتُمْ اسْمَ الأَنْصَارِ؟ أَكُنْتُمْ تُسَمَّوْنَ بِهِ، أَمْ سَمَّاكُمُ اللهُ؟ قَالَ: بَلْ سَمَّانَا اللهُ ╡ ، كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ، فَيُحَدِّثُنَا / مَنَاقِبَ الأَنْصَارِ وَمَشَاهِدَهُمْ، فَيُقْبِلُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَزْدِ فَيَقُولُ: فَعَلَ قَوْمُكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا.
          (ش) مطابقته للترجمة تُؤخَذ مِن معنى الحديث.
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضًا في آخر (أيَّام الجاهليَّة) عَنِ أبي النُّعمان مُحَمَّدِ بنِ الفضل، وأخرجه النَّسائيُّ في (التفسير) عن إسحاقَ بنِ إبراهيمَ.
          قوله: (أَرَأَيْتُمْ؟) أي: أخبِروني أنَّكم قبلَ القرآنِ كنتُم تُسمَّون بالأنصار أم لا؟
          قوله: (بَلْ سَمَّانَا اللهُ) كما في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ}[التوبة:100].
          قوله: (كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى أَنَسٍ) أي: بالبصرة.
          قوله: (فَيُقْبِلُ عَلَيَّ) أي: مخاطبًا لي، مِنَ الإقبال، و(عليَّ) بتشديد الياء.
          قوله: (أَوْ عَلَى رَجُلٍ) شكٌّ مِنَ الرَّاوي؛ أي: أو يقبلُ أنسُ على رجلٍ مِنَ الأزد، والظاهر أنَّ المراد به هو غيلانُ المذكورُ؛ لأنَّه مِنَ الأزد، ويحتَمِل أن يكون غيرَه مِنَ الأزد.
          فَإِنْ قُلْتَ: فعلى التقديرَين: كيفَ قال أنسٌ: (فعلَ قُومُكَ) بالخطاب إلى غيلانَ أو غيرِه مِنَ الأزد، بقوله: (قومك)، وليس قومُهُ مِنَ الأنصار؟
          قُلْت: هذا باعتبار النسبة الأعمِّيَّة إلى الأزد؛ فإنَّ الأزدَ يجمعهم قولُهُ: (فَعَلَ قَوْمُكَ كَذَا) أي: يحكي ما كان مِن مآثرهِم في المغازي ونصرِ الإسلام.
          قوله: (كَذَا وَكَذَا) اعلم أنَّ (كذا) ترِدُ على ثلاثةِ أوجهٍ؛ أحدها: أن تكونَ كلمةً واحدةً مركَّبةً مِن كلمتين مَكنِيًّا بها مِن غيرِ عددٍ، وهذا هو المراد به هنا، كما جاء في الحديث: «يقال للعبدِ يومَ القيامة: أتذكرُ يومَ كذا وكذا، فعلتَ كذا وكذا؟».