عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث عائشة: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت.
  
              

          3773- (ص) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ♦: أنَّها اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً، فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلعم نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صلعم ؛ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا، فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ إِلَّا جَعَلَ اللهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً.
          (ش) مطابقتُه للترجمةِ تُفهَمُ مِن قوله: (جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا...) إلى آخره.
          و(أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة، يروي عن هشام بن عُروة، عن أبيه عروة بن الزُّبَير.
          والحديث مرسلٌ؛ لأنَّ عروة تابعيٌّ، والحديث مرَّ بطوله في أَوَّل (كتاب التيمُّم).
          قوله: (مِنْ أَسْمَاءَ) هي أختُ عائشة.
          و(القِلادَة) و(العِقد) _بكسر العين_ واحدٌ، وهو كلُّ ما يُعقَد ويُعلَّق في العنق.
          فَإِنْ قُلْتَ: قالت في الرِّواية الأخرى: (عقدًا لي)، وهذا يُخالف قولها: الاستعارة.
          قُلْت: لا مخالفةَ في الحقيقة؛ لأنَّها مِلكٌ لأسماء، وإضافتُه في تلك الرواية إلى نفسها لكونِه في يدِها.
          قوله: (فَهَلَكَتْ) أي: ضاعت.
          قوله: (أُسَيْد) بِضَمِّ الهمزة وفتح السين (بْنُ حُضَيْر) بِضَمِّ الحاء المُهْمَلة، وفتح الضاد المُعْجَمة، الأنصاريُّ الصحابيُّ.
          قوله: (فَصَلَّوا بِغَيْر وُضُوءٍ) قال النوويُّ: فيه دليلٌ على أنَّ من عَدِمَ الماءَ والتراب يُصلِّي على حالِه، وللشافعيِّ فيه أربعةُ أقوالٍ؛ أصحُّها: أنَّهُ يجبُ عليه أن يُصلِّيَ، ويجب أن يُعيدَها، الثاني: تَحرُمُ عليه الصلاةُ وتجبُ الإعادة، والثالث: لا تجبُ عليه، ولكن تستحبُّ، ويجب القضاء، والرابع: تجبُ الصلاةُ، فلا تجبُ الإعادة، وهذا مذهبُ المُزَنيِّ، وعند أبي حنيفة: يُمسِكُ عنِ الصلاة، ولا يجب عليه التشبُّه، وعند أبي يوسف ومُحَمَّد: يجبُ التشبُّه، ولا خلافَ في القضاء.