عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: لما بعث علي عمارا والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم
  
              

          3772- (ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارًا وَالْحَسَنَ إِلَى الْكُوفَةِ؛ لِيَسْتَنْفِرَهُمْ؛ خَطَبَ / عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ أنَّها زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلَاكُمْ؛ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا.
          (ش) مطابقته للترجمة تؤخَذُ مِن قوله: (أَنَّهَا) أي: أنَّ عائشة (زَوْجَتُهُ) أي: زوجة النَّبِيِّ صلعم (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ)، وفي هذا فضلٌ عظيمٌ لها.
          و(غُنْدَرٌ) هو مُحَمَّد بن جعفر، و(الْحَكَمُ) هو ابن عُتَيْبة، و(أَبُو وَائِلٍ) شقيقٌ.
          قوله: (بَعَثَ عليٌّ) أي: عليُّ بن أبي طالب، وكان عليٌّ ☺ بعث عمَّار بن ياسرٍ والحسنَ ابنَه إلى الكوفة؛ لأجل نُصرتِه في مُقاتلةٍ كانت بينه وبين عائشة بالبصرة، ويُسمَّى بيومِ الجَمَل؛ بالجيم.
          قوله: (لِيَسْتَنْفِرَهُمْ) أي: ليستنجِدَهم ويستنصِرَهم، مِنَ الاستنفار؛ وهو الاستنجاد والاستنصار.
          قوله: (خَطَبَ) جوابُ (لَمَّا).
          قوله: (أَنَّهَا) أي: أنَّ عائشة زوجة النَّبِيِّ صلعم في الدنيا والآخرة، وروى ابن حِبَّان من طريق سعيد بن كثير عن عائشة: أنَّ النَّبِيَّ صلعم قال لها: «أَمَا ترضَينَ أن تكوني زوجتِي في الدنيا والآخرة؟».
          قوله: (تَتَّبِعُونَهُ) أي: تتَّبعونَ عليًّا، (أَوْ) تتَّبعونَ (إِيَّاهَا) أي: عائشة، قيل: الضمير المنصوب في (تتَّبعونه) يرجع إلى الله تعالى، والمرادُ باتِّباعه اتِّباعُ حُكمِه الشرعيِّ في طاعة الإمام وعدمِ الخروج عليه.
          فَإِنْ قُلْتَ: خاطَبَ الله تعالى أزواجَ النَّبِيِّ صلعم بقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:33]؛ ولهذا قالت أمُّ سلمة: (لا يُحرِّكني ظهرُ بعيرٍ حَتَّى ألقى الله ╡ ).
          قُلْت: كانت عائشة ♦ مُتأوِّلةً هي وطلحة والزُّبَير، وكان مرادُهم إيقاعَ الإصلاح بين الناس، وأخْذَ القِصاصِ مِن قَتَلة عثمان ☺ .