عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
  
              

          3651- (ص) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ☺ : أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ»، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَكَانُوا يَضْرِبُونَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ وَنَحْنُ صِغَارٌ.
          (ش) مطابقتُهُ للترجمة ظاهرةٌ.
          و(سُفْيَانُ) هو ابن عُيينةَ، و(مَنْصُورٌ) هو ابن المُعتَمِرِ، و(إِبْرَاهِيمُ) هو النَّخَعِيُّ، و(عَبِيدَةُ) بفتح العين وكسر الباء المُوَحَّدة، ابن قيسِ بن عَمْرٍو، السَّلمانيُّ؛ بفتح السين وسكون اللَّام، المراديُّ، قال العِجْلِيُّ: هو جاهليٌّ، أسلم قبلَ وفاةِ النَّبِيِّ صلعم بسنتَين، وكان أعورَ.
          والحديث بعينه بهذا / الإسنادِ والمتنِ مضى في (الشهادات) في [(باب: لا يشهد على شهادة جور)، وهذا مكرَّرٌ حقيقةً، غير أنَّ هنا لفظَ (وَنَحْنُ صِغَارٌ)، ليس هناك].
          قوله: (وَيِمينُهُ شَهَادَتَهُ) أي: ويسبق يمينُه شهادتَه، قيل: هذا دورٌ، وأُجِيبَ: بأنَّ المرادَ بيانُ حرصهم على الشهادة وترويجها، يحلفون على ما يشهدون به؛ فتارةً يحلفون قبلَ أن يأتوا بالشهادة، وتارة يعكِسون، أو هو مَثَلٌ في سُرعة الشهادةِ واليمينِ، وحرصِ الرجلِ عليهما حَتَّى لا يدري بأيِّهما يبتدِئ، فكأنَّهما يتسابقان؛ لقلَّة مبالاتِهِ في الدين.
          قوله: (يَضْرِبُونَا) ويُروَى: <يضربوننا> [على الأصل؛ أي: ضربَ التَّأديب، أو يضربون رجالَنا على الحرص على الشَّهادةِ واليمين؛ يعني: يأمروننا بالانكِفافِ فيهما وعدمِ الاستعجال بهما.
          قوله: (عَلَى الشَّهَادَةِ) أي: على قولِ الرَّجلِ: أشهدُ بالله؛ ما كان كذا، على معنى الحَلف، فكُرِهَ ذلك كما كُرِهَ الحلف وإن كان صادقًا فيها، وقيل: معناه: يضربوننا]
على الجمع بين اليمين والشهادة، والمرادُ مِنَ (العَهدِ) ههنا: اليمينُ.