عمدة القاري في شرح صحيح البخاري

حديث: كنا محاصرين قصر خيبر فرمى إنسان بجراب فيه شحم فنزوت
  
              

          3153- (ص) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صلعم فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
          (ش) مطابقته للترجمة مِن حيث إنَّ النَّبِيَّ صلعم رآه ولم ينكر عليه.
          فَإِنْ قُلْتَ: قال: (فَنَزَوْتُ لِآَخُذَهُ) وليس فيه أنَّهُ أخذه حَتَّى يتأتَّى عدم الإنكار.
          قُلْت: جاء في رواية سليمان بن المغيرة عَن حميد بن هلال عن عبد الله بن مُغَفَّل قال: أصبت جرابًا مِن شحمِ يوم خيبر، قال: فالتزمته فقُلْت: لا أعطي اليوم أحدًا مِن هذا شيئًا، رواه مسلم عن شيبان بن فَرُّوخ عن سليمان بن المغيرة.
          و(أَبُو الْوَلِيدِ) هشام بن عبد الملك الطَّيَالِسِيُّ، و(عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ) بالغين المُعْجَمة والفاء.
          والحديث أخرجه البُخَاريُّ أيضًا في (المغازي) وفي (الذبائح) عن أبي الوليد، وفي (المغازي) أيضًا عن عبد الله بن مُحَمَّدٍ، وأخرجه مسلم في (المغازي) عن بُنْدَار وعن سليمان بن المغيرة، وأخرجه أبو داود في (الجهاد) عن موسى بن إسماعيل والقَعْنَبيِّ، وأخرجه النَّسائيُّ في (الذبائح) عن يعقوب بن إبراهيم.
          قوله: (بِجِرَابٍ) هو: المزود، وقال القزَّاز: هو بفتح الجيم، وهو وعاء مِن جلود، وفي «غرائب المدوَّنة»: هو بكسر الجيم وفتحها، وقال صاحب «المنتهى»: «الجراب» / بالكسر، والعامَّة تفتحه، وجمعه «أجربة» و«جُرَْب» بإسكان الراء وفتحها.
          قوله: (فَنَزَوْتُ) بالنون والزاي؛ أي: وَثَبْتُ مُسرِعًا.
          قوله: (فَإِذَا النَّبِيُّ صلعم ) أي: هناك ونحوه؛ لأنَّ كلمة (إذا) التي للمفاجأة تقع بعدها الجملة.
          قوله: (فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ) أي: مِنَ النَّبِيِّ صلعم ، أراد أنَّهُ استحى منه مِن فعله ذلك.
          وفيه: إشارة إلى ما كانوا عليه مِن توقير النَّبِيِّ صلعم ، ومِنَ الإعراض عن خوارم المروءة.
          وفيه: جواز أكلِ الشحوم التي توجد عند اليهود، وكانت محرَّمة عليهم، وكرهها مالكٌ وعنه تحريمها، وكذا عن أحمد ☼.