الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: إذا بايعت فقل: لا خلابة، فكان الرجل يقوله

          2407- وبالسَّندِ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) أي: الفضلُ بنُ دُكينٍ، قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أي: ابنُ عُيينةَ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قال: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ) ☻ (قَالَ: قَالَ رَجُلٌ) مرَّ في باب: ما يُكرَهُ من الخداعِ في البيع أنَّه حبَّانُ _بفتح الحاء المهمَلةِ وتشديد الموحَّدة_ ابنُ مُنقِذ، أو والدُه مُنقِذُ بنُ عَمرو (لِلنَّبِيِّ صلعم إِنِّي أُخْدَعُ) بالخاء المعجمةِ والبناءِ للمفعول؛ أي: أُغبَنُ (فِي الْبُيُوعِ) جمعَها لأنَّها أنواع.
          (فَقَالَ) أي: النَّبيُّ صلعم للرَّجل (إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ) أي: في العقدِ (لاَ خِلاَبَةَ) بكسر الخاء المعجَمةِ وتخفيفِ اللام، وبعد الألفِ موحَّدةٌ؛ أي: لا يحِلُّ لك خديعَتي.
          (فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ) أي: يقولُ هذا اللَّفظ، ومرَّ هناك أنَّه كِنايةٌ عن شرطِ الخِيارِ ثلاثاً، فإنْ كان البيِّعانِ عالـمَينِ بمعناه ثبَتَ الخِيارُ، وإلَّا فلا، وهذه واقعةُ عَينٍ وحكايةُ حال، فمذهبُ الحنفيَّةِ والشَّافعيَّةِ أنَّ الغُبنَ لا يُثبِتُ الخِيارَ، سواءٌ قلَّ الغُبْنُ أو كثُرَ، وهو الأصَحُّ من روايتَي مالك.
          وقال البغداديُّونَ من أصحابِه: للمَغبونِ الخِيارُ بشَرطِ أن يبلُغَ الغُبْنُ ثلُثَ القيمة، وإن كان دونَه فلا، وكذا قال بعضُ الحنابلة، وهذا الحديثُ قد سبق في باب ما يُكرَهُ من الخِداع في البيع.
          ومُطابقَتُه لما تُرجِمَ له من حيثُ إنَّ الرجلَ كانَ يُغبَنُ في البيوع، وهذا من إضاعةِ المال، فذكَرَ له عليه السَّلامُ ما يُدفَعُ به بذلك.